كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

الفارق، وهو ما ذكرناه في الظهار من أنه ليس لها جهتان: جهة حلٍّ وجهة حُرمة، بل كلُّه حرام، فإذا وُجِد لم يوجد إلاَّ مع مفسدته.
ويقال في القياس على القذف ما قيل في هذا من انعدام الجهتين؛ إذ ليس للقذف إلاَّ جهة واحدة محرَّمة (¬1).
9 - أنه إذا كان النكاح المنهيُّ عنه لا يصحُّ لأجل النهي فما الفرق بينه وبين الطلاق؟ وكيف أبطلتم ما نهى الله عنه من النكاح وصحَّحتم ما حرَّمه ونهى عنه من الطلاق، والنهي يقتضي البطلان في الموضعين (¬2).
ونوقش: بأن هذا قياس مع الفارق، والفرق بين النكاح المحرَّم والطلاق المحرَّم أنَّ النكاح عقد يتضمَّن حلَّ الزوجة وملك بضعها، فلا يكون إلاَّ على الوجه المأذون فيه شرعًا، فإنَّ الأبضاع في الأصل على التحريم، ولا يباح منها إلاَّ ما أباحه الشارع، بخلاف الطلاق، فإنه إسقاط لحقِّه وإزالة لملكه، وذلك لا يتوقَّف على كون السبب المزيل مأذونًا فيه شرعًا كما يزول ملكه عن العين بالإتلاف المحرَّم وبالإقرار الكاذب وبالتبرُّع المحرَّم.
وفرق آخر بين النكاح المحرَّم والطلاق المحرَّم، أنَّ النكاح نعمة فلا تُستباح بالمحرَّمات، وإزالته وخروج البضع عن ملكه نقمة فيجوز أن يكون سببها محرَّمًا. وأيضًا أنَّ الفروج يُحتاط لها، والاحتياط يقتضي وقوع الطلاق وتجديد الرجعة والعقد.
وأيضًا أنَّ النكاح لا يُدخَل فيه إلاَّ بالتشديد والتأكيد من الإيجاب والقبول والولي والشاهدين ورضا الزوجة المعتبَر رضاها، ويخرج منه بأيسر شيء فلا يحتاج الخروج منه إلى شيءٍ من ذلك، بل يُدخَل فيه
¬_________
(¬1) زاد المعاد (5/ 238).
(¬2) زاد المعاد (5/ 224) تهذيب سُنن أبي داود (3/ 96).

الصفحة 195