كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

سببًا للخروج منه فكلاَّ (¬1).
10 - أنه لو كان الطلاق المحرَّم قد لزم لكان حصل الفساد الذي كرهه الله ورسوله، وذلك الفساد لا يرتفع برجعة يُباح له الطلاق بعدها، والأمر برجعة لا فائدة فيها مما تنزَّه عنه الله ورسوله، فإنه إن كان راغبًا في المرأة فله أن يُرجعها، وإن كان راغبًا عنها فليس له أن يرتجعها، فليس في أمره برجعتها مع لزوم الطلاق له مصلحة شرعية، بل زيادة مفسدة، ويجب تنزيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الأمر بما يستلزم زيادة الفساد، والله ورسوله إنما نهيا عن الطلاق البدعي لمنع الفساد، فكيف يأمران بما يستلزم الفساد؟! (¬2).
11 - إنَّ الشارع يُحرِّم الشيء لَما فيه من المفسدة الخالصة أو الراجحة، ومقصوده بالتحريم المنع من الفساد وجعله معدومًا، فلو كان يترتَّب عليه مع التحريم من الأحكام ما يترتب على الحلال فيجعله لازمًا نافذًا كالحلال لكان ذلك إلزامًا منه بالفساد الذي قصد عدمه، فيلزم أن يكون ذلك الفساد قد أراد عدمه مع أنه ألزم الناس به، وهذا تناقض يُنزَّه عنه الشارع - صلى الله عليه وسلم - (¬3).
12 - ولأنه لو كان الطلاق نافذًا في الحيض لكان الأمر بالمراجعة والتطليق بعده تكثيرًا من الطلاق البغيض إلى الله، وتقليلاً لما بقي من عدده الذي يتمكن من المراجعة معه، ومعلوم أنه لا مصلحة في ذلك (¬4).
13 - أنَّ مفسدة الطلاق الواقع في الحيض، لو كان واقعًا لا يرتفع بالرجعة والطلاق بعدها، بل إنما يرتفع بالرجعة المستمرة التي تلمُّ شعث النكاح وترفع خرقه، فأمَّا رجعة يعقبها طلاق، فلا تزيل مفسدة
¬_________
(¬1) زاد المعاد (5/ 240) انظر: تهذيب السُنن (3/ 98).
(¬2) مجموع فتاوى ابن تيمية (33/ 23/24).
(¬3) مجموع فتاوى ابن تيمية (33/ 25).
(¬4) تهذيب سُنن أبي داود لابن القيم (3/ 97، 98).

الصفحة 197