كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

الطلاق الأول لو كان واقعًا (¬1).
14 - أنَّ الشارع إنما حرمه ونهى عنه لأجل المفسدة التي تنشأ من وقوعه، فإنَّ ما نهى عنه الشرع وحرَّمه لا يكون قط إلاَّ مشتملاً على مفسدة خالصة أو راجحة، فنهى عنه قصدًا لإعدام تلك المفسدة، فلو حُكم بصحته ونفوذه لكان تحصيلاً للمفسدة التي قصد الشارع إعدامها وإثباتًا لها (¬2).
15 - أنَّ لله تعالى في الطلاق المباح حُكمين: أحدهما إباحته والإذن فيه، والثاني: جعله سببًا للتخلص من الزوجة، فإذا لم يكن الطلاق مأذونًا فيه انتفى الحكم الأول، وهو الإباحة، فما الموجب لبقاء الحكم الثاني وقد ارتفع سببه؟ ومعلومٌ أنَّ بقاء الحكم بدون سببه ممتنع (¬3).
16 - أنَّ الشارع أباح للمكلَّف من الطلاق قدرًا معلومًا في زمنٍ مخصوص، ولم يُملِّكه أن يتعدَّى القدر الذي حُدَّ له، ولا الزمن الذي عُيِّنَ له، فإذا تعدَّى ما حُدَّ له من العدد كان لغوًا باطلاً، فكذلك إذا تعدَّى ما حُدَّ له من الزمان يكون لغوًا باطلاً، فكيف يكون عدوانه في الوقت صحيحًا ومعتبرًا لازمًا وعدوانه في العدد لغوًا باطلاً؟
وهذا كما أنَّ الشارع حَدَّ له عددًا من النساء مُعيَّنًا في وقتٍ معيَّن، فلو تعدَّى ما حُدَّ له من العدد كان لغوًا وباطلاً، وكذا لو تعدَّى ما حُدَّ له من الوقت، بأن ينكحها قبل انقضاء العدَّة مثلاً أو في وقت الإحرام، فإنه يكون لغوًا باطلاً؛ فقد شمل البطلان نوعي التعدي عددًا أو وقتًا (¬4).
¬_________
(¬1) المصدر السابق والصفحة.
(¬2) تهذيب سُنن أبي داود لابن القيم (3/ 97، 98)
(¬3) تهذيب سُنن أبي داود لابن القيم (3/ 99، 100).
(¬4) المصدر السابق والصفحة.

الصفحة 198