كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

يكن جُنبًا» (¬1).
والشاهد منه: منع الجُنب من قراءة القرآن، فالحائض مثله؛ لأنَّ حدثها أغلظ (¬2).
ونوقش الاستدلال: من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: ضعف الحديث؛ لأنه من رواية عبد الله بن سلمة، وقد تغيَّر عقله في كبره، وروايته إياه حال تغيُّره (¬3).
الوجه الثاني: أنه لا حجَّة فيه على منع الجُنب من القراءة؛ لأنه ليس فيه نهي عن أن يقرأ الجُنب القرآن، وإنما هو فعلٌ منه عليه السلام لا يُلزم؛ فلم يُبيِّن عليه السلام أنه إنما يمتنع من قراءة القرآن من أجل الجنابة.
وقد يتفق له عليه السلام ترك القراءة في تلك الحال ليس من أجل الجنابة، وهو عليه السلام لم يصم شهرًا كاملاً غير رمضان، ولم يزد في قيامه على ثلاثة عشرة ركعة .. أفيحرم أن يُصَام شهر كامل غير رمضان، أو أن يتهجَّد المرء بأكثر من ثلاث عشرة ركعة؟ هذا لا يقوله المانعون، ومثل هذا كثير جدًّا (¬4).
3 - ما رُوِيَ عن علي رضي الله عنه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ، ثم قرأ شيئًا من القرآن، ثم قال: «هكذا لمن ليس بِجُنب، فأمَّا الجُنب فلا، ولا آية» (¬5).
فالحديث نصَّ في منع الجُنب، فالحائض من باب أولى؛ لأن حدثها أغلظ.
¬_________
(¬1) أخرجه الترمذي في أبواب الطهارة، باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا (1/ 98).
(¬2) المغني (1/ 200) فتح الباري (1/ 407).
(¬3) انظر: التلخيص الحبير (1/ 139) إرواء الغليل (2/ 242).
(¬4) المحلى (1/ 103) وانظر أيضًا: نيل الأوطار (1/ 226) والسيل الجرار (1/ 110).
(¬5) أخرجه أحمد في المسند (1/ 110) وقد عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد لأبي يعلي، وقال: رجاله رجال موثقون (1/ 276).

الصفحة 23