كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

صلِّي»، فكانت تغتسل عند كل صلاة (¬1).
قال الشافعي: إنما أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكلِّ صلاة، ولا أشكُّ أنَّ غسلها كان تطوُّعًا غير ما أُمِرت به، وذلك واسع لها (¬2).
وقال الشوكاني: .. وقد صرَّح جماعة من الحفَّاظ بأنها لا تقوم بها الحجة، وعلى فرض أنَّ بعضها يشهد لبعض فهي لا تقوى على معارضة ما في الصحيحين وغيرهما من أمره - صلى الله عليه وسلم - لها بالغسل إذا أدبرت الحيضة فقط (¬3)، وترك البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرَّر في الأصول (¬4).
الوجه الثاني: ما أجاب به الخطابي فإنه قال عقب الحديث:
وهذا الحديث مختصر، وليس فيه ذكر حال هذه المرأة، ولا بيان أمرها وكيفية شأنها في استحاضتها، وليس كلُّ امرأة مستحاضة يجب عليها الاغتسال لكلِّ صلاة، وإنما هي فيمن يُبتَلى وهي لا تميِّز دمها، أو كانت لها أيام فنسيتها، فهي لا تعرف موضعها ولا عددها، ولا وقت انقطاع الدم عنها من أيامها المتقدِّمة، فإذا كانت كذلك فإنها لا تدع شيئًا من الصلاة، وكان عليها أن تغتسل عند كلِّ صلاة؛ لأنه قد يمكن أن يكون ذلك الوقت قد صادف زمان انقطاع دمها فالغسل عليها عند ذلك واجب (¬5).
الوجه الثالث: أنَّ المراد بالغسل في هذه الأحاديث الوضوء؛ لأنه يُطلق عليه.
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض باب عرق الاستحاضة (1/ 84) ومسلم في كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها (1/ 262).
(¬2) المجموع (2/ 536).
(¬3) السيل الجرار (1/ 149).
(¬4) نيل الأوطار (1/ 284).
(¬5) معالم السُنن له (1/ 205).

الصفحة 256