كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

القول الثاني: أنَّ لها ذلك:
ذهب إليه داود وابن حزم والمزني (¬1).
ولعلَّه قول من يُجيز ذلك للجُنب، منهم:
ابن المنذر، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن بن مسلم، وقتادة، وروي عن علي وابن عباس (¬2).
الأدلَّة:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «.. جُعِلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» (¬3).
ولا خلاف أنَّ الحائض مُباح لها جميع الأرض، وهي مسجد، فلا يجوز أن يُخَصُّ بالمنع بعض المساجد دون بعض (¬4).
ويمكن أن يُناقَش بأنَّ هذا يقتضي استواء المساجد وغيرها في جميع الأحكام ولا تقولون بذلك.
2 - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة لَمَّا حاضت وهي مُحرِمة: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألاَّ تطوفي بالبيت» (¬5).
فلم ينهها إلاَّ عن الطواف بالبيت فقط؛ ومن الباطل المتيقَّن أن يكون لا يحلُّ لها دخول المسجد، فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف (¬6).
3 - ما روت عائشة أم المؤمنين: «أنَّ وليدة سوداء كانت لحيٍّ من
¬_________
(¬1) المحلى (2/ 253) المجموع (2/ 160).
(¬2) الأوسط (2/ 107، 108).
(¬3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم باب قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.
ومسلم في كتاب المساجد، باب مواضع الصلاة (1/ 370).
(¬4) المحلى (2/ 253).
(¬5) سبق تخريجه.
(¬6) المحلى (2/ 253).

الصفحة 59