كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 11)

29154 - ولأن الكلام في قطع اليد اليسرى مسألة مفردة نتكلم عليها.
29155 - قالوا: روى أبو هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، فإن سرق فاقطعوا رجله). ولم يفصل.
29156 - قلنا: هذا الخبر إنما هو حكاية فعل. فأما قول فلا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنبين ذلك فيما بعد.
29157 - ولأن قوله (ثم إن سرق) يقتضي سرقة منكرة، ولو كانت الأولى لعرفها. فلما ذكرها بلفظ التنكير دل على أنه أراد سرقة أخرى.
29158 - قالوا: فعل يوجب الحد فتكرره في عين واحدة كتكرره في أعيان [أصله الزنى.
29159 - قلنا: ليس] يمتنع أن يختلف تكرار سبب الحد في عين واحدة أو في أعيان [بدلالة حد القذف، ولأن حد] الزنا وجب لاستيفاء منفعة لا العين [والمنفعة الثانية غير الأولى. فصار] تباين المنفعتين كتباين العينين. وفي مسألتنا وجب الحد لصيانة العين، والعين واحدة فلم يتكرر الحد لأجلها، يبين الفرق بينهما أن حد السرقة إذا سقط بشبهة ضمنت العين وحد الزنى إذا سقط لم تضمن المنفعة.
29160 - قالوا: سرق نصابا من حرز مثله لا شبهة له فيه، وهو من أهل القطع فوجب قطعه. أصله المرة الأولى.
29161 - قلنا: لا نسلم أن الفعل حصل من غير شبهة؛ لأن العين في حقه صارت غير مقومة بالإتلاف، وهذا شبهة.
29162 - والمعنى في المرة الأولى لم يستوف لأجل العين أحد موجبي السرقة فمنع ذلك من وجوب القطع على المستوفى منه لأجلها. أصله إذا استوفى منه الضمان.
29163 - قالوا: لو سرق غزلا فقطع فيه فنسج ثم سرق منه قطع وهذه مناقضة.
29164 - قلنا: القطع عندنا سقط لأن العين في حكم المباحة للسارق.

الصفحة 6007