كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)

مسألة 1473
علة تحريم الخمر
29547 - قال أصحابنا: تحريم الخمر غير معلل بعلة يقاس عليها، وكذلك لحم الخنزير. ومن أصحابنا من قال: إن تحريمها يتعلق بوجود المعاني التي لأجلها سميت خمرًا، كما حرم الزنى لوجود المعنى الذي له سمي الوطء: زنى، ويجوز أن يكون التحريم يتعلق بنجاستها.
29548 - وقال الشافعي: تحريم الخمر معلل بوجود الشدة المطربة.
29549 - لنا: ما روي عن ابن عباس أنه قال: حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب. وكيفية التحريم إنما تعلم بالتوقيف، فكأنه روى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلو كان التحريم معللاً بعلة تتعدى لم يعلق التحريم بالعين، لأن ذلك يمنع أن يتعلق بغير العين كتحريم الخنزير والميتة والأمهات.
ولأن الصحابة اختلفوا في تحريم الأشربة، ولم ينقل عن واحد منهم ذكر علة، ولو كان أصلاً معللاً لبينوا علته كما بينوا ذلك في سائر المسائل التي اختلفوا فيها.
29550 - فإن قيل: قد قال عمر: الخمر ما خامر العقل.
29551 - قلنا: هذا يدل على أن ما حدث عنه السكر حرام، وهذا متفق عليه.
ولا يجوز أن يكون هذا بيانًا لتحريم الجنس، لأنه قد ثبت شرب عمر خمر النبيذ الشديد ويستحل ذلك؛ فعلم أنه بيان للخمر المؤثر في العقل.
29552 - ولأن من مخالفنا أن الأشربة المطربة كلها خمر وقد حرمت بنص واحد، فلا يجوز أن يكون بعضها في التحريم فرعًا لبقيتها، كما أن الأشياء الأربعة في

الصفحة 6089