كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)

نجعل من هذا الشراب شيئا لا يسكر، قال: نعم. فطبخوا له العصير.
29588 - قلنا: هذا ظن، وقول عمار أعدل من قول أهل الأرض والرجوع إليه أولى، إذ المشاهدة تسقط هذا التأويل. ويدل عليه ما روي في شرب الصحابة للنبيذ، فروي عن عتبة بن فرقد قال: تقدمت عند عمر، فأتي بنبيذ شديد فشرب ثم سقاني، وقال: نأكل هذا اللحم الغليظ ونشرب عليه هذا النبيذ الشديد، فيقطعه في بطوننا.
29589 - فإن قيل: قد روي عن عتبة بن فرقد قال: نبيذ قد كان يصير خلا. وهذا يدل على أنه حامض.
29590 - قلنا: قوله: نبيذ شديد. يقتضي أنه لا يسكر.
29591 - وقوله: قد كان يصير خلا. أي: بلغ إلى غاية أحواله، وقد قارب أنه يصير خلا. وهذا عند مخالفنا لا يجوز شربه، ألا ترى أن النبيذ تطرأ عليه الحموضة، وكذلك على الخمر. ولا يحل الخمر بذلك حتى ينتهي كونه خلا. وروى الأعمش عن إبراهيم عن همام قال: أتي عمر بنبيذ زبيب من نبيذ زبيب الطائف، فلما ذاقه قطب ثم قال: إن لنبيذ الطائف عراما. ثم دعا بماء فصب عليه وشرب، ثم قال: إذا اشتد عليكم، فصبوا عليه الماء واشربوا. وقال عمرو بن ميمون: قال عمر: إنا نشرب من هذا الشراب الشديد لنقطع لحوم الإبل في بطوننا أن يؤذينا، فمن رابه من شرابه شيء فليمزجه بالماء. وذكر إبراهيم الحربي في غريب الحديث عن أبي رافع قال: قال عمر بن الخطاب: إذا غلبكم النبيذ بالماء، فسجوه بالماء. وذكر عن مخارق عن طارق قال: وفدنا على عمر، فسقاني قدحًا من نبيذ، فقلت: ما أرى شرابك إلا قد أخذ برأسي. قال: ثم في الظل، وأعلم أنك إذا إن قلت جهرًا،

الصفحة 6100