كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)

فإن شربت من الخمر فلم أسكر، قال: [أف أف، وما] بال الخمر وغضب، وقال: أما الخمر فحرام لا سبيل إليه، [وما] سواها من الأشربة فكل مسكر حرام. وهذا يدل على تفريقه بين الخمر وغيرها من الأشربة، كما قال ابن عباس: إن المسكر ما وجد به السكر لا جنسه. وروى عمرو بن الفضل عن علي قال: إن القوم يجلسون على الشراب وهو لهم حلال، فلا يزال حتى يحرم عليهم. وهذا يدل على إباحة شراب يسكر بعضه. وروى مجالد عن الشعبي قال: رزق علي بن أبي طالب طلى عازبًا، فشرب منه رجل فسكر، فجلده. وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: شربت عند علي نبيذًا فخرجت من عنده عن المغرب، فأرسل معي قنبرًا مولاه يهديني إلى بيتنا. وقال الشعبي: شهد عندي عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه شرب نبيذًا شديدًا في الجرار الخضر عند البدرية من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار. وروى جوبير عن الضحاك قال: قال عبد الله بن مسعود: قد شهدت تحريم النبيذ كما شهدتم وشهدت تحليله فحفظت ونسيم فهذا يدل على إباحة نبيذ كان محرمًا وعلى أن الإباحة متأخرة. وعن أبي بكرة نحو ذلك. وقال الحسن بن عمر: شربنا عند أبي وائل نبيذًا شديدًا، فقال أبو وائل: شربته عند عبد الله بن مسعود وأبي مسعود الأنصاري في جرار خضر. وروى سعيد بن مسروق عن الشماس قال: قال عبد الله: ما يزال القوم وإن شرابهم لحلال، حتى يصير حرامًا. وهذا أمر مشهور أباحه فقهاء الكوفة، وكان أمرًا ظاهرًا في أصحاب علي وعبد الله. ويدل على ذلك من طريق النظر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الأحكام بحسب الحاجة إليها، ونقل ذلك أيضًا بحسب الحاجة، وحاجة أهل المدينة إلى معرفة تحريم الأنبذة أشد من حاجتهم إلى معرفة تحريم الخمر، لأن عامة شرابهم كان من النخل، والخمر عندهم مسبية من الشام لا يجدها عوامهم. وعند

الصفحة 6102