كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)

زوجها كساها كسوة، فجعلتها هدية إلى البيت إن لبستها، فما دريت ما أفتيها به، فانطلقت إلى أنس بن مالك وأرسلت رسولًا إلى الحسن، فقال لي أنس: إن لبستها، فلتهدها. ورجع رسولي من عند الحسن فقال: تكفر عن يمينها، وتلبس كسوة زوجها. فقد اختلف الرواية عن ابن عمر، وقال أنس بقولنا. وذكر الطحاوي عن عائشة وابن عباس في النذر المطلق كفارة يمين. وهذا يدل على أن المطلق والمعلق سواء، وهذا خلاف قولهم، فحصل من قول أنس مثل قولنا واختلف عن ابن عمر.
وقالت عائشة في النذر المعلق: والمعلق بشرط كفارة يمين. فمن فرق بين مطلق النذر ومقيده مخالف لإجماعهم؛ لأنه لم ينقل عن أحد منهم التخيير، وإنما نقل عن بعضهم الكفارة وعن بعضهم الوفاء، والقول بالتخيير خلاف إجماعهم.
32170 - قالوا: ما وجبت فعله بالحنث، برئ منه بكفارة يمين، أصله: إذا قال: إن فعلت كذا فلله على نذر.
32171 - قلنا: لا نسلم أن وجود الشرط حنث على الإطلاق، ولا نسلم أن الواجب في النذر متعلق بالحنث، وإنما يجب بالنذر والحنث شرط. والمعنى فيمن أطلق النذر أنه لم يعين بإيجابه ما يخرج به من موجب الإيجاب، فخرج بمقتضى الشرع، أصله من قال: لله على صيام وصلاة. لما لم يعين نذر الواجب، خرج منه بأقل ما يتقرب به في الشرع. وفي مسألتنا عين ما أوجبه بالنذر، فلم يرجع إلى موجب الشرع، لكنه رجع إلى ما أوجبه، كمن قال: لله علي صلاة أربع ركعات وصيام يومين، ولهذا نقول في الحالف بالله: أنه يكفر؛ لأنه لم يعين بيمينه ما يخرج به منها، فخرج بما وقته الشرع بها.
32172 - قالوا: هذا متردد بين النذر المخير لله تعالى وبين اليمين بالله، وقد أخذ شبهًا من كل واحد منهما، فإنه شبه اليمين من حيث كان الواجب فيه بالحنث والمخالفة بين القول والفعل، وشبه النذر لله تعالى من حيث التزم له قربه وطاعة بشرط كما يقول: إن شفى الله مريضي. وإذا تردد بين الأصلين وليس له أصل سواهما وأجمعوا على أنه لا يجب الجمع بين حكمها، وجب التخيير بينهما فخيرناه.
32173 - قلنا: لا نسلم أن له شبهًا باليمين؛ لأن تعلقه بشرط كتعلق قوله: إن قدم فلان، وإن مات عبدي. ولا فرق في الشروط بين أن يكون بفعل الله تعالى أو

الصفحة 6493