كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)

الفتيا، قال النبي - عليه السلام -: (لا نذر في معصية).
32226 - قلنا: قول مروان لا يعارض قول الصحابة، ولا يعتد به عليهم.
32227 - فإن قيل: ليس معنا انتشر هذا القول.
32228 - قلنا: إذا سئل عنها ابن عباس ثم سئل مسروق، ورجع ابن عباس إلى قول مسروق، وعرض قول ابن عباس على قول ابن عمر، وبلغ ذلك مروان، فهذا انتشار. فأما ابن عمر فلم يبطل النذر، لكنه وقف فيما يلزم به، فأما الاختلاف في مقدار الواجب: فلا يضرنا، لأنهم اتفقوا على وجوب شيء، واختلفوا في قدره. وقول مخالفنا مخالف قول جميعهم، وإنما رجحنا الشاة على النذر.
ولأن من أوجب الشاة، أوجبها لقصة إبراهيم. ومن أوجب النذر، اتبع قصة عبد المطلب لما نذر ذبح أحد أولاده، وتعين ذلك في عبد الله، فأوقع القرعة عليه وعلى النذر، فخرجت القرعة عليه، حتى بلغ مائة بدنة، فخرج القرعة عليها. والرجوع إلى سنة إبراهيم - عليه السلام - أولى من الرجوع إلى سنة عبد المطلب.
32229 - ولأن من أوجب النذر، فقد أوجب الشاة؛ لأن الشاة التي تقوم مقامها جزء من النذر، فكان إيجاب المتيقن أولى.
32230 - فأما الذي روي عن ابن عباس أنه أوجب في ذلك كغارة يمين؛ فمحمول على أن من أراد النذر واليمين، فتجب الكفارة بكونه موجب النذر عندنا.
وطريقة أخرى: وهي أن القياس يقتضي ألا يجب بهذا النذر شيء، والصحابي إذا قال ما يخالف القياس، حمل على التوقيف، فكأنه رواه عن النبي - عليه السلام -. فإن روي عن غيره ما يوافق القياس لم يعارض قوله؛ لأنه يجوز أن يكون قاله قياسًا.
32231 - ولأن ما يوجب الإنسان على نفسه تارة يكون طاعة، وتارة يكون معصية، فإذا انعقد به في أحد القسمين ولزم به معنى، جاز أن يكون في الآخر مثله.
32232 - ولأن الحيوان مباح الأكل ومحرم الأكل، فإذا جاز أن يلزمه بنذر ذبح المباح معنى، جاز أن يلزم بنذر ذبح المحرم معنى.

الصفحة 6508