كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)

وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الكتاب المشهور في القضاء وقال فيه: (المسلمون عدول بعضهم على بعض؛ إلا مجلود في حد). وهذه قصة مشهورة في الصحابة؛ لأن المسألة عن الشهود أمر لم يكن في زمن السلف. قال ابن شبرمة: أنا أول من سأل عن الشهود، فلم يكن أحد يتحرى. ولو كان ذلك شرطًا لم يتركه من تقدمه.
ولأن الظاهر من أمر المسلمين الصحة؛ ولأنهم لم يركبوا ما لا تسوغه الشريعة، وقد ندبه إلى اعتقاد ذلك فيهم، وجمل أمورهم عليه. ومن حصل له هذا الضرب من التعديل، لم يعتبر معه تجويز ما يخالفه، كمن عدل للحاكم ني زمانه، ثم شهد بعده.
ولأن الظاهر أن الإنسان يبلغ غير مرتكب الكبيرة مع بلوغه، فيستفيد عدالة ني تلك الحالة، وجواز أن يحدث غير ذلك لا يعتبر، كمن عدله الحاكم في زمان، ثم يشهد بعده.
32405 - ولا يلزم إذا طعن؛ لأن العدالة حاصلة، وقد صار البحث حقًا له بمطالبته. ولا تلزم الشهادة بالحدود والقصاص؛ لأنا لا نكتفي فيها بالعدالة حتى توجد عدالة بصفة، كما يعتبر شهود بصفة.
ولأنهما لو حضرا عقد النكاح انعقد بشهادتهما، فلم يقف الحكم بشهادتهما على البحث عن عدالتهما كمن عدله القاضي مرة.
32406 - فإن نازعوا في الوصف؛ فالدليل عليه إجماع الأمة على عقده من غير بحث عن حال من يحضره ولا مسألة عن باطن حاله [...].
ولأن كل صفة لا تعتبر في الشاهد كالمسألة الثانية.
ولأن من جاز أن يقبل قوله إذا بحث عن باطنه، جاز أن يقبل قوله من غير بحث كالمخبر. والدليل على أن هذا الأصل: أن الأمة أطبقت على قبول أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن ظاهره الخير، ولم يبحث أحد من الناس عن باطن الرواة ولا يسأل عنهم، فمن

الصفحة 6540