كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)

كذلك غيبة المقضي عليه يجب أن تمنع ابتداء الحكم.
ولأن تعلق البينة بالقضاء عليه أكد من تعلقها بالمدعي؛ بدلالة أنه ليس في الأصول بينة إلا على مدعي عليه، وقد يكون بينات لا مدعي لها وهي البينات إذا قامت بالحدود، فإذا أثرت عند المدعي في الحكم ابتداًء، فلأن يؤثر غيبة المدعى عليه أولى.
32487 - فإن قيل: صحة الحكم يعتبر فيه المدعي والمدعى عليه، والعين المدعاة لا يجب إحضارها لسماع البينة عليها، ثم غيبتها لا تمنع سماع البينة.
32488 - قلنا: إذا غابت العين المدعاة فإن البينة [تسمع عندنا على قيمتها وهي الدية.
32489 - فإن قيل: غيبة ...] البينة على كفيله، وإذا حضر الشفيع فادعى على المشتري عنه أنه اشترى الدار من يد الغائب، وأقام البينة، قضى بالشفيع على الغائب، وبمثله لا يحكم له مع غيبته.
32490 - قلنا: نحن قلنا: إن غيبته تمنع الحكم عليها، وهاهنا وقع الحكم على الكفيل والمشتري وتعدى ذلك إلى الغائب، فلم يتوجه الحكم ابتداء عليه، وبمثله نقول: إن غيبة المدعي تمنع الحكم له ابتداء، ويجوز أن يتصل الحكم بحق غيره فيحكم له مع غيبته كالمشتري إذا ادعى أنه ابتاع هذا العبد من فلان الغائب وهو يملكه، والمودع إذا. أقام البينة أن هذه الدابة وديعة في يده لفلان الغائب حتى يأذن له القاضي في الإنفاق عليها ويجعل النفقة دينًا على الغائب.
32491 - فإن قيل: لو حضرا جميعًا لم يجز أن يقضي بالبينة إلا بعد طلب المدعي، ويجوز أن يقضي بها مع كراهة المدعي عليه، كذلك مع غيبته.
32492 - قلنا: لا يحكم بها وإن سأله المدعي إلا أن يكون خصمه جاحدًا عند السماع والحكم، فإن أقر في إحدى الحالتين لم يتعلق بالبينة حكم، فإذا كان غائبا، لم يعلم جحوده فلا يقضي بالبينة.
ولأنه حق ثبت بالبينة فلا يجوز القضاء به مع غيبية المدعى عليه وعنه من قام مقامه كالحدود.

الصفحة 6556