كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 12)
وإنما يسمع القاضي هذه البينة إذا سئل بأن يكتب إلى قاضي البلد الذي فيها الخصم بعد سماعها لم يجز القضاء بها حتى تعاد في وجهه. ويبين ذلك أنه يكتب بشهادة من لا يعرف عدالته ليعدله المكتوب إليه، ولو كان سمعها على وجه الإشهاد لاعتبر التعديل عنده. وإذا كان القاضي يسمعها متحملًا لها ليكتب بها، صار فيها كشاهد الفرع الذي لا يحتاج في التحمل [حضور الخصم].
32516 - فإن أسقطوا هذا الوصف. قالوا: سماع البينة جائز، فجاز القضاء بها.
32517 - انتقض بمن ادعيت عين في يده، فأقام البينة أنها لفلان الغائب أودعه إياها، هذه البينة تسمع ولا يقضي بها.
32518 - فإن قيل: الدليل على أنها بينة مسموعة وليس تحمل، أن شهود الفرع يعتبر فيهم العدد والحاكم واحد.
32519 - قلنا: قول الحاكم يتعلق بالحكم لا يعتبر فيه العدد، أصله: إذا قال: أقر فلان عندي بكذا قبل قوله وحده، والشهادة بالإقرار تفتقر إلى عدد.
32520 - قالوا: الحاكم يجب عليه أن يسمع ويكتب، ولو كان يحمل شهادة كان فيه بالخيار كشهود الفرع.
32521 - قلنا: إنما وجب على القاضي؛ لأنه لا يمكن أن يكتب بذلك سواه ليتعين عليه، وشهود الفرع لا يتعين عليهم؛ لأنه يجوز أن يشهد غيرهم.
32522 - فإن قيل: شهود الفرع يتحملون من غير دعوى، والقاضي لا يسمع هذه الشهادة إلا أن تتقدمها دعوى يدل على أنه ليس بتحمل.
32523 - قلنا: إنا نفتقر هذا السماع إلى تقدم الدعوى ليجب على القاضي المكاتبة، ويصير ذلك حقًا للمدعي يطالب به. ولو سمع من غير دعوى، لكان مخيرًا إن شاء سمع وإن شاء لم يسمع كشهود الفرع.
ولأن هذا عندنا ي معنى التحمل، وليس بصريح تحمل، فلا يلزمنا أن نسوي بينه وبين التحمل في سائر شرائطه.
32524 - فإن قيل: قولكم: إن القاضي لا يقضي بهذا السماع إذا حضر الخصم
الصفحة 6560
6576