كتاب التجريد للقدوري (اسم الجزء: 2)

فإذا ثبت هذا قلنا: أتى بما يسمى خطبة، فأشبه إذا خطب خطبتين.
4129 - احتجوا: بقوله تعالى: {فاسعوا إلى ذكر الله}، وهذا مبهم يحتاج إلى تفسير، وقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - وفسره، وخطب لنا نقلت فاقتضى ذلك وجوبها.
4130 - والجواب: [أن الآية] لا تفتقر إلى البيان؛ لأنها مستقلة بنفسها تفيد كل ما سمي ذكر اسم الله عليه، فلم يسلم الإجمال، فلا يبين إلا مجرد فعله - عليه السلام -، وذلك لا يدل على الوجوب.
4131 - قالوا: ذكر راتب يتقدم صلاة مفروضة، فوجب أن لا يقتصر على كلمة، كالأذان.
4132 - قلنا: إنما الأذان لا يجوز الاقتصار على كلمة واحدة فيه على وجه السنة لأنه ليس بواجب، وكذلك لا يجوز الاقتصار في الخطبة مسنونا، والكلام في الفرض. ولأن المقصود بالأذان الإعلام، وذلك لا يوجد في بعض كلماته، والمقصود من الخطبة ذكر الله [تعالى]، وذلك يوجد في بعض الكلام. ولأن الأذان لما اعتبر فيه لفظ محصور لا يجوز مجاوزته لم يجز الاقتصار على بعضه، ولما لم تنحصر الخطبة بذكر لم تنحصر بقدر. وينعكس عليهم فيقال: فلا يكون من شرطه/ قراءة القرآن، كالأذان.
4133 - قالوا: الدليل على أن ذكر الخطبة لا يقع على ذكر واحد [أن] من جلس يأكل فقال: (بسم الله)، أو ذبح فقال: (بسم الله)، لم يقل إنه خطب. ولأن العرب جعلت لكل صيغة اسما، فقالت لمن قال (بسم الله): سمى، ولمن

الصفحة 960