كتاب الكلمات البينات في قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات}

وهل يطلق الخلود على ما لا نهاية له ولا انقطاع بطريق الحقيقة أو المجاز؟ قولان:
قالت المعتزلة: الخلد هو الثبات اللازم والبقاء الدائم الذي لا ينقطع. واحتجوا على ذلة بالآية وغيرها.
وقال ابن الخطيب: قال أصحابنا: الخلد هو الثبات الطويل سواء أدام أم لم يدم. واستدلوا بقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً}، ولو كان التأبيد داخلاً في مفهوم الخلد لكان ذلك تكراراً.
وقال بعضهم: حقيقة الخلود الدوام من وقت الابتداء. ولهذا لا يجوز أن يقال لله تعالى أنه خالد، لنه قديم أزلي لا ابتداء له، والبقاءُ الأبدي في الجنة لأهلها هو قول جميع أهل الإسلام، فقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على خلود أهل الجنة فيها أبداً، وعلى ذلك إجماع أهل السنة والجماعة.
وأجمعوا على أن عذاب الكفار لا ينقطع كما أن نعيم أهل الجنة لا ينقطع، يدل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة خلافاً للجهمية حيث ذهبوا إلى أن الجنة والنار تفنيان ويفنى أهلهما، وخلافاً لأبي الهذيل المعتزلي وموافقيه حيث قالوا: ينقطع عذاب الكفار، وله غاية ونهاية، واحتجوا على ذلك بالمنقول والمعقول:

الصفحة 107