كتاب المنثور من الحكايات والسؤالات لابن طاهر المقدسي

44- سمعت إبراهيم بن نصر الصوفي بالري يقول: كان سليم بن أيوب الرازي الإمام من أهل سقطانة، وهي الذي يقال لها بالفارسية كستانه على سبعة فراسخ من الري مما يلي طريق بغداد، وكان قد تفقه بالري ثم خرج إلى بغداد وتفقه على الشيخ أبي حامد الإسفراييني، فلما مات أبو حامد أجلس في موضعه للتدريس، فبلغ أباه بكستانه: أن رئاسة أصحاب الشافعي قد انتهت إلى ابنك ببغداد، فخرج من قريته وقصد بغداد ودخل القطيعة، وكان يدرس في مسجد الشيخ أبي حامد، وقد فرغ من الدرس الكبير وهو يذكر درساً للصبيان الصغار، فوقف على الحلقة وقال:
سليم! إذا كنت تعلم الصبيان ببغداد فارجع إلى القرية فإني أجمع لك صبيانها وتعلمهم وأنت عندنا.
فقام سليم من الدرس وأخذ بيد أبيه، ودخل إلى بيته وقدم إليه شيئاً من المأكول، وخرج ودفع المفتاح إلى بعض -[43]- أصحابه، وقال: إذا فرغ أبي من الأكل فادفع إليه المفتاح وقل: كل ما في البيت بحكمك، وخرج سليم من فوره إلى الشام وأقام بها، وصنف ودرس وبها انتشر علمه.

الصفحة 42