كتاب ديوان طرفة بن العبد

وقرّبْتُ بالقُرْبى، وجَدِّكَ إنّني ... متى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيثَةِ أشهدِ (¬1)
وِإنْ أُدْعَ للجُلَّى أكُنْ من حُماتِها ... وإنْ يَأتِكَ الأعداءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ (¬2)
وإن يَقذِفوا بالقَذع عِرْضَك أسقِهمْ ... بكأْسِ حِياضِ الموتِ قبلَ التهدُّدِ (¬3)
بلا حَدَثٍ أحْدَثْتُهُ، وكَمُحْدِثٍ ... هِجائي وقَذفي بالشّكاةِ ومُطْرَدي (¬4)
فلو كان مَولايَ امرءاً هو غيرَهُ ... لَفَرّجَ كَرْبي أوْ لأنْظَرَني غَدي (¬5)
ولكِنّ مولايَ امْرُؤٌ هو خانِفِي ... على الشكرِ والتَّسْآلِ أو أنا مُفتَدِ (¬6)
وظُلمُ ذوي القُرْبى أشَدُّ مَضَاضَةً ... على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّدِ (¬7)
فَذَرْني وخُلْقي، إنّني لَكَ شاكِرٌ ... ولو حَلّ بَيْتي نائياً عندَ ضَرْغَدِ (¬8)
فلو شاءَ رَبي كنتُ قَيْسَ بنَ خالِدٍ ... ولو شاءَ ربي كنتُ عَمْرَو بنَ مَرثَدِ (¬9)
فأصْبَحْتُ ذا مالٍ كثيرٍ، وزارَني ... بَنُونَ كِرَامٌ سادَةٌ لِمُسَوَّدِ (¬10)
أنا الرّجُلُ الضَّرْبُ الذي تَعرِفونَهُ ... خَشاشٌ كرأسِ الحيّةِ المُتَوَقّدِ (¬11)
¬__________
(¬1) النكيثة: الأمر العظيم. أشهد: أحضر. والمعنى أنه إذا ما اشتد الأمر على ذوي القربى فإنه يسرع لنجدتهم.
(¬2) الجلى: المصيبة الكبيرة.
(¬3) يقذفوا: يرموا. القذع: الرذيلة والفحش.
(¬4) الحدث: الجرم أو العمل الذي قمت به. الشكاة: الشكوى والشكاية. مطردي: الذي هجرني وطردني.
(¬5) مولاه: هنا ابن عمه مالك. الكرب: الحزن. أنظرني: أمهلني.
(¬6) التسآل والتساؤل واحد وهو السؤال. المفتدي: الذي يطلب خلاص نفسه.
(¬7) ذوي القربى: الأهل. المضاضة: الحرقة والحزن. الوقع: الضرب. الحسام المهند: السيف المصنوع في الهند.
(¬8) ذرني: دعني. النائي: البعيد. الضرغد: الجبل.
(¬9) قيس بن خالد وعمرو بن مرثد: سيدان كريمان من سادات العرب.
(¬10) المسوّد: النافذ الكلمة عند قومه.
(¬11) الرجل الضرب: الخفيف اللحم وهذه صفة محببة عند العرب لأن الرجل النحيف يكون أرشق في الحركة وأسرع عندما يشتد الأمر وتُطلب النجدة. الخشاش: المتيقظ الذكي.

الصفحة 27