كتاب ديوان طرفة بن العبد

وما زادَكَ الشّكوى الى مُتَنَكِّرٍ ... تَظَلُّ بهِ تبكي, وليس به مَظَلّ (¬1)
متى تَرَ يوْماً عَرْصَةً منْ دِيارِهَا ... ولو فَرْطَ حَوْلٍ, تَسجُمُ العينُ أو تُهَل (¬2)
فقُلْ لِخَيالِ الحنْظَلِيّةِ يَنقَلِبْ ... إليها، فإني واصِلٌ حبلَ مَن وَصَلْ (¬3)
ألا إنما أبْكي ليومٍ لقِيتُهُ ... بجُرْثُمَ, قاسٍ, كلُّ ما بَعدَهُ جَلَلْ (¬4)
إذا جاء ما لا بُدّ منهُ، فَمَرْحَباً ... به حينَ يَأتي لا كِذابٌ ولا عِلَل
ألا إنَّني شرِبْتُ أسْوَدَ حالِكاً ... ألا بَجَلي منَ الشّرَابِ ألا بَجَلْ (¬5)
فلا أعْرِفَنّي, إنْ نَشَدْتُكَ ذِمّتي ... كدَاع هَديلٍ لا يُجابُ ولا يَمَلُّ (¬6)
¬__________
(¬1) المتنكر: الرسم المتغير.
(¬2) العرصة: ساحة الدار. فرط: بعد. الحول: العام. تسجم العين: يسيل دمعها.
(¬3) الحنظلية: امرأة من بني حنظل من تميم.
(¬4) جرثم: اسم مكان. الجلل: الأمر العظيم والصغير وهنا المعنى الثاني.
(¬5) الأسود الحالك: كأس الموت. البجل: الكفاية.
(¬6) نشدتك: طلبتك. هديل: فرخ حمام زعمت العرب أنه مات عطشاً في عهد نوح عليه السلام. وما زال الحمام يبكيه ولا يمل ذلك.

الصفحة 62