كتاب ديوان طرفة بن العبد

حتى قدم عليه بالبحرين وهو بهجر (¬1)، فدفع إليه كتاب عمرو بن هند فقرأه فقال: تعلم ما فيه؟ قال: نعم أُمرتَ أن تجيزني وتُحسن إلي. فقال له العامل: إن بيني وبينك خؤولة أنا لها راع. فاهرب من ليلتك هذه فإني قد أمرت بقتلك فاخرج قبل أن تصبح ويعلم بك الناس. فقال له طرفة: اشتدت عليك جائزتي وأحببت أن أهرب وأجعل لعمرو بن هند عليّ سبيلاً، كأني أذنبت ذنباً والله لا أفعل ذلك أبداً. فلما أصبح أمر بحبسه وجاءت بكر بن وائل فقالت: قد طرفة فدعا به صاحب البحرين فقرأ عليهم كتاب الملك. قم أمر بطرفة فحبس وتكرم عن قتله، وكتب إلى عمرو بن هند أن ابعث إلى عاملك فإني غير قاتل الرجل، فبعث إليه عمرو بن هند رجلاً من بني تغلب يقال له عبد هند واستعمله على البحرين وكان رجلاً شجاعاً وأمره بقتل طرفة وقتل ربيعة بن الحارث العبدي. فقدمهما عبد هند، فقرأ عهده على أهل البحرين ولبث أياماً، واجتمعت بكر بن وائل فهمت به كوان طرفة يحضهم وانتدب له رجل من عبد القيس ثم من الحوائر يقال له أبو رشية. فقتله، فقبره معروف بهجر (¬2).
فقضى كرفة ولما يكمل العقد الثالث من عمره وقد رثته أخته الخرنق بأبيات تقول فيها:
عددنا له ستاً وعشرين حجةً ... فلما توفاها استوى سيداً ضخما
نشير أخيراً إلى منزلة طرفة الأدبية:
قال ابن قتيبة: هو أجود الشعراء قصيدة وله بعد المعلقة شعر حسن. وقال ابن سلام الجمحي في طبقات الشعراء الجاهليين والإسلاميين أنه في الطبقة
¬__________
(¬1) هجر: ناحية بالبحرين.
(¬2) الشنقيطي: شرح المعلقات العشر وأخبار شعرائها.

الصفحة 8