كتاب إجابة السائل شرح بغية الآمل

وَهُوَ أَنه لَو أفتى الْمُجْتَهد زيدا بِالْحلِّ وعمروا بِالْحُرْمَةِ وَلَا مقتضي للتخير سوى التَّعَارُض لَكَانَ إِفْتَاء بالتشهي وَهُوَ لَا يجوز لما تقرر أَن الْأَحْكَام مَبْنِيَّة على الْحِكْمَة والمصلحة على الرأيين
القَوْل الثَّانِي وَهُوَ قَوْله وَقيل بل يتبع فِيهِ الْأَكْثَر علما وَهُوَ قَول بعض الْعلمَاء قَالُوا يطْرَح مَا وَقع فِيهِ التَّعَارُض وَيرجع إِلَى تَقْلِيد الأعلم كَمَا أَنه جَازَ لَهُ قبل النّظر تَقْلِيده كَمَا سلف فَهُنَا بعد نظره بِالْأولَى لِأَنَّهُ قبل النّظر يَرْجُو أَنه إِذا نظر وجد الرَّاجِح وَأما بعد النّظر فقد ذهب الرَّجَاء فَكَانَ تَقْلِيده هُنَا بِالْأولَى ورد بِأَنَّهُ تقدم أَنه لَيْسَ لَهُ تَقْلِيد غَيره أصلا
الثَّالِث أَنه يرجح إِلَى حكم الْعقل لعدم صِحَة الدَّلِيل النَّاقِل عَنهُ مَعَ التَّعَارُض وَالْمَسْأَلَة فِي التَّعَارُض تَأتي مبسوطة فِي بَاب التَّرْجِيح
وَلم يَصح عِنْد أهل النَّقْل ... قَولَانِ قد تَعَارضا
فِي وَقت فَإِن أَتَى أول عَمَّن يَأْتِي
يُرِيد بِهِ أَنه لم يَصح عِنْد الْعلمَاء قَولَانِ لعالم تَعَارضا فِي وَقت وَاحِد فَإِن أَتَى من عَالم قَولَانِ متعارضان فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وَكَذَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ تشابهتا فَلَا بُد من حمله على وَقْتَيْنِ تجدّد لَهُ فِي كل حَادِثَة نظر إِذا عرف الْمُتَأَخر مِنْهُمَا كَانَ الْعَمَل عَلَيْهِ وَإِن لم يعرف فَإِن أمكن الْفرق فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ المتشابهتين صَحَّ وُقُوع الْقَوْلَيْنِ وَإِلَّا أول ذَلِك بِمَا يَصح وَقد رُوِيَ عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ فِي سبع عشرَة مَسْأَلَة قَوْلَيْنِ وَحمل على ذَلِك على وَجْهَيْن إِمَّا على أَنه مَبْنِيّ على التَّخْيِير أَو قَالَ كل قَول فِي وَقت فَيكون الثَّانِي رُجُوعا عَن الأول إِن علم أَولهمَا أَو أَرَادَ أَن فيهمَا للْعُلَمَاء قَوْلَيْنِ أَو تحْتَمل الْمَسْأَلَة قَوْلَيْنِ يَصح أَن يَقُول

الصفحة 399