كتاب إجابة السائل شرح بغية الآمل

السَّلَام بذلك قَالَ لِأَنَّهُ يجوز أَن الْمُجْتَهد مِمَّن يفرق بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يجوز مثل هَذَا فِي إِيمَاء النَّص وتنبيهه فِي الْكتاب وَالسّنة لانْتِفَاء ذَلِك التجويز بِخِلَافِهِ إِذا نَص على الْعلَّة فَإِنَّهُ يكون الْإِلْحَاق ظَاهرا فِي كَلَام الْمُجْتَهد وَلِأَنَّهُ مَا صَار الْإِلْحَاق بهما فِي كَلَام الشَّارِع إِلَّا لقِيَام الدَّلِيل على أَن مُقْتَضى الْحِكْمَة والبلاغة فِي كَلَامه يبعد أَن يَخْلُو عَن الْفَائِدَة ويصان عَن اللاغية بِخِلَاف كَلَام الْمُجْتَهد فَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يبعد عَنهُ مَعَ عدم الِاعْتِبَار لَهما فِي عِبَارَته فَلِذَا قَالُوا يجوز الْإِلْحَاق مَعَ نَصه على الْعلَّة لَا مَعَ إيمائه وتنبيهه وَهَذَا إِذا عرف أَن رَأْيه عدم تَخْصِيص الْعلَّة فَأَما إِذا عرف أَنه يرى جَوَاز تخصيصها فقد أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْله ... وَإِن رأى جَوَاز تَخْصِيص الْعِلَل ...

أَي فَإِنَّهُ أَيْضا لَا يمْنَع من الْإِلْحَاق بِمَا نَص عَلَيْهِ من الحكم بعلته قَالَ بِهَذَا الْأَكْثَر وَاسْتَدَلُّوا بِأَن الْأَغْلَب على أَقْوَال الْمُجْتَهدين عدم التَّخْصِيص فِي الْعِلَل فَيحمل كَلَامه على الْأَغْلَب وَلَا يحْتَاج إِلَى الْبَحْث هَل يخْتَص هَذَا النظير الَّذِي يُرِيد أَن يلْحقهُ بِمَا نَص عَلَيْهِ بل يلْحقهُ بِنَاء على الْأَغْلَب وَكَذَا قَالُوا لَا يبْحَث عَن الْمُخَصّص فِي عُمُوم كَلَام الْمُجْتَهد لقلَّة التَّخْصِيص فِيهِ بِخِلَاف كَلَام الشَّارِع فيبحث عَن تَخْصِيص عموماته لكثرته فِيهِ فَوَجَبَ الْبَحْث
وَاعْلَم أَن هَذِه الطّرق الْأَرْبَع الَّتِي ذكرت فِيمَا يعرف بِهِ مَذْهَب الْمُجْتَهد تسمى مَا عدا الأول بالتخاريج وَالْوُجُوه على مذْهبه قَالَ الْجُمْهُور إِنَّه يجوز سلوكها وتضاف إِلَى الْمُجْتَهد بِشَرْط التَّصْرِيح بِأَنَّهَا أخذت تخريجا من كَلَامه أَو أَخذ ذَلِك من عُمُوم نَصه أَو من نَصه على نَظِير الْمَسْأَلَة وَقد منع أَئِمَّة من الْمُحَقِّقين الْعَمَل بذلك
وَقد أشْبع القَوْل فِي بُطْلَانهَا الإِمَام الْقَاسِم بن مُحَمَّد رَحمَه الله فِي كِتَابَة الْإِرْشَاد وزيفها قَالَ وبلغنا عَن بعض الْعلمَاء أَنه كَانَ يَقُول هَذَا الحكم الَّذِي يعد أَنه مخرج لَيْسَ بقول للَّذي خرج على قَوْله وَلَا قَول للَّذي خرجه من كَلَام الْمُجْتَهد فَحِينَئِذٍ نقُول هَذَا القَوْل لَا قَائِل بِهِ فَكيف تجْرِي عَلَيْهِ

الصفحة 401