كتاب إجابة السائل شرح بغية الآمل

الديانَات والمعاملات وَهَذِه ورطة تورط فِيهَا الْفُقَهَاء برمتهم وَكَلَامه طَوِيل فِي ذَلِك
قلت وَقد بَينا فِي حَوَاشِي ضوء النَّهَار أَنه قد تقرر أَن الْمخْرج لَيْسَ بمجتهد وَالْأَخْذ بتخريجه تَقْلِيد لَهُ وَلَا يجوز تَقْلِيد غير الْمُجْتَهد بِصَرِيح نصهم فَيحرم الْعَمَل بهَا وَقد اسْتدلَّ لِلْقَائِلين بِجَوَاز الْعَمَل بالتخاريج لِأَنَّهُ قد أطبق عَلَيْهِ الْفُقَهَاء فِي كل عصر من غير نَكِير فَكَانَ إِجْمَاعًا وَأجِيب بَان الْإِجْمَاع اتِّفَاق الْمُجْتَهدين من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا عرف فِي رسمه وَهَؤُلَاء الْفُقَهَاء لَيْسُوا بمجتهدين بنصكم وَبِأَنَّهُ لَو سلم فَهُوَ إِجْمَاع سكوتي لَا يقبل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة قَالُوا كَمَا جَازَ أَخذ الْأَحْكَام عَن خطاب الشَّارِع فليجز من كَلَام الْمُجْتَهدين قُلْنَا قد علم يَقِينا أَن خطاب الشَّارِع كُله حق وَدَلِيل وَأما كَلَام الْعَالم الَّذِي تطرقه الْغَفْلَة وَالنِّسْيَان والذهول عَن لَوَازِم كَلَامه فَلَا وَلِهَذَا تقرر عِنْد الْمُحَقِّقين أَن لَازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب وَقد بسطنا ذَلِك فِي رِسَالَة منع التَّكْفِير بالتأويل وَفِي سبل السَّلَام إِلَيْهِ إِشَارَة نافعة ثمَّ لَهُم شَرط فِي الْمخْرج على الْمَذْهَب مَعْرُوف ذكره الْمهْدي فِي مُقَدّمَة الأزهار ... ثمَّ عَلَيْهِ وَاجِب إِن انْتقل ... إخْبَاره بِأَنَّهُ عَنهُ رَجَعَ ... فَلَا يُتَابِعه على مَا قد وَقع ...

الضَّمِير فِي عَلَيْهِ للمجتهد أَي يجب عَلَيْهِ إِذا رَجَعَ عَن حكمه فِي مَسْأَلَة وتجدد لَهُ خلاف مَا قد أعلم من قَلّدهُ أَن يُخبرهُ بِرُجُوعِهِ لِئَلَّا يُتَابِعه على مَا قد وَقع مِنْهُ أَولا فَيعْمل غير مُسْتَند فِيهِ إِلَيْهِ وَسَوَاء قد عمل بِهِ أَو لَا نَحْو أَن يكون رَأْيه أَن مَسَافَة الْقصر بريد وَقد سَافر الْمُقَلّد وَقصر ثمَّ رأى أَنَّهَا ثَلَاثَة أَيَّام فَإِنَّهُ يجب إخْبَاره لَهُ بذلك لِئَلَّا يَبْنِي على الأول أَو لم يَفْعَله كَمَا لَو لم يُسَافر وَسَوَاء كَانَت لَهُ ثَمَرَة مستدامة كَالصَّلَاةِ أَولا لَا كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ إِعْلَامه وَإِن كَانَ قد حج فَإِنَّهُ قد يحجّ فِي عَام آخر وَقد رَجَعَ عَن رَأْيه الأول
نعم وَالْمَسْأَلَة متفرعة على مَسْأَلَة أُخْرَى وَهِي هَل الِاجْتِهَاد الأول بِمَنْزِلَة الحكم أَولا فَمن قَالَ بِالْأولِ لم يكن للإعلام ثَمَرَة وَمن قَالَ بِالثَّانِي قَالَ

الصفحة 402