كتاب إجابة السائل شرح بغية الآمل

أَي يجْتَهد إِذا تعدد المجتهدون وَاخْتلفُوا فِي الْأَفْضَلِيَّة علما أَو ورعا أَو فيهمَا فَالْأَفْضَل أولى وأحق بالاتباع مَعَ جَوَاز تَقْلِيد الْمَفْضُول هَذَا مَا يفِيدهُ النّظم وَهُوَ فِي أَصله وَهُوَ رَأْي أَئِمَّة الْأُصُولِيِّينَ وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَقيل يجب عَلَيْهِ تحري الْأَفْضَل وتقليده وَلَا يُقَلّد الْمَفْضُول مَعَ وجود الْأَفْضَل هَذَا وَيعرف ذَلِك من ثَنَاء أهل الْعلم عَلَيْهِ واشتهاره وَذَلِكَ لِأَن الْمُجْتَهدين عِنْد الْمُقَلّد كالأمارات الشَّرْعِيَّة عِنْد الْمُجْتَهد فَكَمَا يجب على الْمُجْتَهد اتِّبَاع مَا هُوَ الْأَقْوَى كَذَلِك يجب على الْمُقَلّد اتِّبَاع الْأَقْوَى فِي تَحْصِيل الظَّن ورد بِأَن الْإِجْمَاع من الصَّحَابَة وَغَيرهم على إِقْرَار الْمُفْتِي والمستفتي على أَخذ الْفتيا من أَي عَالم من دون تطلب مفضول من أفضل وَلَا بحث عَن ذَلِك وَلَا قَول الْمُفْتِي لَهُ أطلب فتواك من فلَان لِأَنَّهُ أفضل وَأجِيب بِأَن إِثْبَات الْإِجْمَاع فِي حيّز الِامْتِنَاع
وَأَشَارَ أَيْضا إِلَى بعض أَحْوَال من يخْتَار تَقْلِيده فَقَالَ ... والحي والأعلم أولى فِيهِ ... من ميت أَو ورع فَقِيه ...

اشْتَمَل الْبَيْت على مَسْأَلَتَيْنِ على طَرِيق اللف والنشر
الأولى أَن تَقْلِيد الْحَيّ أولى من الْمَيِّت بِنَاء على جَوَاز تَقْلِيده بعد مَوته وَوجه الْأَوْلَوِيَّة أَنه أجمع من جوز التَّقْلِيد فِي الْفُرُوع على جَوَاز تَقْلِيد الْحَيّ بِخِلَاف الْمَيِّت فَاخْتَلَفُوا فِي جَوَاز تَقْلِيده كَمَا يَأْتِي بَيَانه وَاتِّبَاع مَا أجمع على جَوَازه أولى مِمَّا اخْتلف فِيهِ وَلِأَنَّهُ يُمكنهُ مُرَاجعَته فِيمَا يشكل وَيَأْخُذ عَنهُ بأقوى الطّرق من المشافهة وَنَحْوهَا وَهَذَا مَفْقُود فِي الْمَيِّت فَكَانَ تَقْلِيده للحي أولى
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَن الأعلم أولى من الأورع وَهَذَا رَأْي الْأَكْثَر قَالُوا لِأَن تعلق الْعلم بمسائل الِاجْتِهَاد أَكثر وَلِأَن الظَّن الْحَاصِل بقول الأعلم أقوى والأولوية تثبت بِهَذَا الْقدر
وَاعْلَم أَنه اخْتلف فِي جَوَاز تَقْلِيد الْمَيِّت فَقيل يحرم وَادّعى عَلَيْهِ الْإِجْمَاع وَقيل يجوز وَادّعى عَلَيْهِ الْإِجْمَاع أَيْضا وَاسْتدلَّ للْجُوَاز بالوقوع

الصفحة 409