كتاب إجابة السائل شرح بغية الآمل

اشْتَمَل كل وَاحِد مِنْهُمَا على الآخر وَحِينَئِذٍ فَلَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر فَلَا يتم التَّرْجِيح الْمَذْكُور
قلت أُجِيب بِأَن النَّهْي الصَّرِيح أدل على كَونه لدرء الْمَفَاسِد وَأقوى من الدّلَالَة الالتزامية المستفادة للنَّهْي من الْأَمر فَإِن الْمَقْصُود أَولا وبالذات فِي النَّهْي دفع الْمفْسدَة كَمَا أَن الْمَقْصُود أَولا وبالذات فِي الْأَمر لجلب الْمصلحَة فيندفع مَا قيل من أَن كلا مِنْهُمَا قد استلزم دفع مفْسدَة وجلب مصلحَة وَقَوله وَالْأَمر من إِبَاحَة أَي إِذا تَعَارضا فَإِنَّهُ يرجح الْأَمر على الْإِبَاحَة لما فِي ذَلِك من الِاحْتِيَاط لِاسْتِوَاء الْمُبَاح فِي الْفِعْل وَالتّرْك دون الْأَمر فَإِنَّهُ وَاجِب الْفِعْل فَكَانَ أرجح وَهَذَا رَأْي الْجُمْهُور وَقيل بل ترجح الْإِبَاحَة لِأَنَّهَا تكون قرينَة على أَن الْأَمر لَيْسَ على ظَاهره من الْوُجُوب والإعمال خير من الإهمال وَاخْتَارَ هَذَا الْمهْدي وَأَن الْإِبَاحَة أرجح من الْأَمر
وَقَوله مَا دلّ على مَا كثرا فِي الِاحْتِمَال مُرَاده إِذا تعَارض مَا احْتِمَاله أقل للمعاني مَعَ مَا احْتِمَاله أَكثر ومثلوه بِالْإِبَاحَةِ وَالْأَمر إِذا تَعَارضا قدمت الْإِبَاحَة لوحدة مَعْنَاهَا بِخِلَاف الْأَمر فَإِنَّهُ مُتَعَدد الْمعَانِي كَمَا عرفت فِي مبَاحث الْأَمر وَهَذَا مُجَرّد مِثَال وَإِلَّا فَالْقَوْل الْمُخْتَار أَنه حَقِيقَة فِي الْوُجُوب فَلَا أكثرية لمعانيه
وَفِي الْمجَاز قدم الحقيقه
عَلَيْهِ واعكس هَذِه الطريقه ... فِيهِ إِذا عَارضه الْمُشْتَرك
لِأَنَّهُ عِنْد الْمجَاز يتْرك
أَي إِذا وَقع التَّعَارُض بَين الْحَقِيقَة بِأحد مَعَانِيه وَبَين الْمجَاز فَإِن الْحَقِيقَة غير الْمُشْتَرك تقدم عَلَيْهِ فِي كَونهَا الأَصْل عِنْد الْإِطْلَاق وَقَوله واعكس هَذِه الطَّرِيقَة وَهُوَ أَنه إِذا تعَارض اللَّفْظ بَين الْمجَاز الْمُشْتَرك فَإِنَّهُ

الصفحة 425