كتاب الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك

فذكر تعالى عن المرتدين على أدبارهم: أنهم من بعد ما تبين لهم (¬1) ، ارتدوا على علم. ولم (¬2) ينفعهم علمهم بالحق مع الردة، وغرهم الشيطان بتسويله وتزيين ما ارتكبوه من الردة.
وهكذا حال هؤلاء المرتدين في هذه الفتنة: غرهم الشيطان وأوهمهم أن الخوف عذر (¬3) لهم في الردة، وأنهم بمعرفة الحق ومحبته والشهادة (¬4) به لا يضرهم ما فعلوه. ونسوا أن كثيراً من المشركين يعرفون الحق، ويحبونه ويشهدون به: ولكن يتركون متابعته (¬5) والعمل به؛ محبة للدنيا (¬6) ، وخوفاً على الأنفس والأموال والمأكل والرياسات. ثم قال تعالى: (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض) فأخبر تعالى: أن سبب ما جرى (¬7) عليهم من الردة (¬8) وتسويل الشيطان، والإملاء (¬9) لهم، هو قولهم (¬10) للذين كرهوا ما نزل الله: سنطيعكم في بعض الأمر.
فإذا كان من وعد المشركين الكارهين (¬11) لما نزل الله بطاعتهم (¬12) في بعض الأمر كافراً، وإن لم يفعل ما وعدهم به. فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما نزل الله من الأمر: بعبادته وحده لا شريك
¬_________
(¬1) (ط) (م) (ر) لهم الهدى.
(¬2) (م) فلم.
(¬3) (م) (ر) عذرا. تحريف.
(¬4) (ط) ومحبة الشهادة.
(¬5) (م) متابعته. ساقطة.
(¬6) (م) (ر) للحياة الدنيا.
(¬7) (م) ما اجرى.
(¬8) (م) الرده هو.
(¬9) (ط) (ر) وإملائه.
(¬10) (م) الحق لهم. تحريف.
(¬11) (م) : الكارهين. ساقطة.
(¬12) ما بينهما ملحق في الهامش (ع) وبجواره كلمة صح.

الصفحة 50