‹ صفحة 120 ›
كان ملازما لأبي الحسن علي الرضا لخدمته وكان معه حين استقدمه المأمون من المدينة إلى خراسان وبقي معه حتى وفاته بطوس وكان المأمون ذات يوم في مجلسه في نيسابور (1) .
وفي المجلس أبو الحسن علي الرضا وجماعة من المتطببين والفلاسفة مثل يوحنا بن ماسويه (2) وجبريل بن بختيشوع (3) وصالح بن بهلة الهندي (4) ، وغيرهم من منتحلي العلوم وذوي البحث والنظر، فجرى ذكر الطب وما فيه صلاح الأجسام وقوامها.
فأغرق المأمون ومن بحضرته في الكلام وتغلغلوا في علم ذلك، وكيف ركب الله تعالى هذا الجسد وجميع ما فيه من هذه الأشياء المتضادة
___________________
(1) نيسابور: مدينة تعتبر من أمهات مدن خراسان وهي الآن في إيران. وقد أخرجت ما لا يحصى كثرة من العلماء ويكفيها فخرا أنها أخرجت الإمام مسلم القشيري صاحب صحيح مسلم والحاكم النيسابوري صاحب المستدرك.
(2) يوحنا بن ماسويه الطيب النصراني السرياني: كان الرشيد ولاه ترجمة الكتب الطبية القديمة، قال القفطي: وكان ملوك بني هاشم (العباسيون) لا يتناولون شيئا من أطعمتهم إلا بحضرته، ترجم له ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء ود. محمود الحاج قاسم في كتابه الطب عند العرب والمسلمين (الدار السعودية جدة) ص 66 - 67. وجعله المأمون رئيسا لبيت الحكمة سنة 225 هـ/ 830 م، توفي في سامرا سنة 243 هـ/ 857 م. وترجم بعض كتب الطب من السريانية إلى العربية منها كتاب تركيب خلق الانسان وأجزائه وعدد أعضائه ومفاصله وعظامه ألفه للمأمون.
(3) جبريل بن بختيشوع: من النساطرة السريان الذين ظهروا في جنديسابور في مطلع الخلافة العباسية وظهر منهم عدد كبير من الأطباء الذين قربهم العباسيون ابتداء من المنصور العباسي الذي جعل جورجيوس بن جبرائيل طبيبه الخاص ثم قام ولده وحفيده جبريل بتطبيب هارون الرشيد وولديه الأمين والمأمون. توفي جبريل سنة 213 هـ/ 828 م وله كتاب الباه ورسالة في الطعام، وكناش في الطب.
(4) صالح بن بهلة الهندي: طبيب هندي حسن الإصابة فيما يعانيه، أسلم وحسن إسلامه، وظهر أيام الرشيد وقد ذكره ابن أبي أصيبعة وترجم له كما ترجم له محمد بن محمد الشيرازي صاحب عافية البرية وذكر قصة طريفة توضح مقدرته. فقد وقع جبريل بن بختيشوع في خطأ عندما رأى إبراهيم بن صالح (ابن عم الرشيد) وهو في مرض خطير وقال للرشيد إنه متوفى. . فلما كان وقت صلاة العشاء نعي إلى الرشيد وبدأ الخدم في تجهيزه للدفن فوقف صالح بن بهلة الهندي وطلب رؤيته ووخزه بإبرة في ظفره فتحرك إبراهيم بن صالح فصاح ابن بهلة: الله الله يا أمير المؤمنين فوالله ما مات ابن عمك وتدفنه حيا. ودخل على إبراهيم بن صالح وفي حضرته الرشيد وأدخل الأبرة بين ظفر إبهام إبراهيم فجذب إبراهيم يده. وأمر بفك الحنوط والكفن وإلباسه ثيابه وعالجه حتى برأ وتكلم. فحظي عند الرشيد.