‹ صفحة 148 ›
...............................................................
______________
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن السني في اليوم والليلة وفي الطب النبوي وأبو نعيم (في الطب النبوي) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم) .
وقد أمر الاسلام بصيام شهر رمضان وندب إلى صيام أيام كثيرة. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له، وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) (البقرة 183، 184) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا) أخرجه الطبراني في الأوسط ورواته ثقات. وقال صلى الله عليه وسلم: (لكل شئ زكاة وزكاة الجسد الصوم والصيام نصف الصبر) أخرجه البزار وابن ماجة. وقال ابن القيم في الطب النبوي: (الأمراض نوعان: أمراض مادية تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعية، وهي أمراض الأكثرية. . وسببها إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول، والاكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة، وتناول الأغذية القليلة النفع، البطيئة الهضم. (فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية واعتاد ذلك، أورثته أمراضا متنوعة منها بطن الزوال أو سريعه) .
(ومراتب الغذاء ثلاثة:
الأول: مرتبة الحاجة،
والثاني: مرتبة الكفاية،
والثالث: مرتبة الفضلة.
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسقط قوته، ولا تضعف معها (فهذه مرحلة الحاجة) فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه، وليدع الثلث الآخر للماء والثالث للنفس (وهذه مرتبة الكفاية) . (وهذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عليه الشراب، فإذا أورد عليه الشراب ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب، وصار بمنزلة حامل الحمل الثقيل. . هذا إلى ما يلزم من فساد القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع. فامتلاء البطن من الطعام للقلب والبدن) .
وقال ابن القيم وهو يشرح قوله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) (فأرشد (سبحانه) عباده إلى إدخال ما يقيم البدن من الطعام والشراب عوض ما تحلل منه، وأن يكون بقدر ما ينتفع به البدن في الكمية والكيفية، فمتى جاوز ذلك كان إسرافا. وكلاهما مانع من الصحة، جالب للمرض، أعني عدم الأكل والشرب أو الاسراف فيه) .
وهو كلام دقيق كل الدقة. فالطعام بعد هضمه وامتصاصه يتحلل إلى طاقة أو يتحول إلى أنسجة وخلايا لاستبدال التالف منها وللنمو وخاصة عند الأطفال. ولا بد للبدن من الأكل والشرب ليعوض ما تحلل من الطعام بالقدر الذي فقد (Catabolism) . ثم ليبني الأنسجة والخلايا (Anabolism) .
ثم لا بد من الانتباه للكيفية إذ لا تكفي الكمية فقط فلا بد أن يحتوي الطعام على المواد المختلفة من النشويات والسكريات والبروتينات والدهنيات والأملاح والفيتامينات بحيث تكتمل عناصر الغذاء بمقاديرها التي يحتاج إليها الجسم دون زيادة ولا نقصان. وكلاهما يؤدي إلى الاختلال والمرض.