كتاب الإمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي

‹ صفحة 153 ›
قوة النفس تابعة لمزاج البدن:
واعلم يا أمير المؤمنين أن قوة النفس تابعة لأمزجة الأبدان، وأن الأمزجة تابعة للهواء ويتغير بحسب تغير الهواء في الأمكنة (1) .
(النوم سلطان الدماغ) :
واعلم يا أمير المؤمنين أن النوم سلطان الدماغ وهو قوام الجسد، وقوته فإذا أردت النوم فليكن اضطجاعك أولا على شقك الأيمن (2) ثم انقلب على الأيسر (3)
* *
___________________
(1) في كتاب رمز الصحة للسيد محمود الموسوي إضافة وهي:
(فإذا برد الهواء مرة وسخن أخرى تغيرت بسببه أمزجة الأبدان وأثر ذلك التغير في الصورة) .
وهو أمر مشاهد عند تغير الجو فتقل المناعة ومقاومة الجسم للأمراض وتكثر النزلات الشعبية والزكام. . الخ. وكذلك عند استخدام مكيفات الهواء الباردة ثم الخروج إلى الجو الحار يتعب الجسم وينهكه ويكثر من الآلام الروماتيزمية ويقلل من مقاومة الجسم للمرض.
ثم يقول الإمام علي الرضا كما ورد في كتاب رمز الصحة: (فإذا كان الهواء معتدلا اعتدلت أمزجة الأبدان، وصلحت تصرفات الأمزجة في الحركات الطبيعية كالهضم والجماع والنوم وسائر الحركات) .
وهو كلام سليم ومطابق للمعلومات الطبية الحديثة، ويعلل الإمام علي الرضا ذلك بمعلوماته الطبية المبنية على النظريات اليونانية فيقول: (لأن الله تعالى بنى الأجسام على أربع طبايع هي المرتان (أي المرة السوداء والمرة الصفراء) والدم والبلغم. وبالجملة حاران وباردان قد خولف بينهما، فجعل الحارين لينا ويابسا، وكذلك الباردين رطبا ويابسا) . يقصد الإمام الرضا أن الدم حار ورطب وأن المرة الصفراء حارة ويابسة. وأما الباردان فيقصد بهما البلغم وهو بارد ورطب والمرة السوداء وهي باردة ويابسة.
ثم يقول الرضا: (ثم فرق ذلك على أربعة أجزاء من الجسد: على الرأس والصدر والشراسيف وأسفل البطن. واعلم يا أمير المؤمنين أن الرأس والأذنين والعينين والمنخر والفم من الدم وأن الصدر من البلغم والريح. وأن الشراسيف من المرة الصفراء. وأن أسفل البطن من المرة السوداء) .
الشراسيف هي الأضلاع المعلقة المشرفة على البطن وما تحتويه.
وهذا الكلام كما أسلفنا مبني على نظرية الطبائع الأربع والعناصر الأربعة والأمزجة الأربعة التي أظهر الطب الحديث خطأها.
(2) النوم على الشق الأيمن قد أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد أخرج البخاري ومسلم عن البراء رضي الله عنه أنه قال: إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن.
(3) ثم ينقلب بعد ذلك على شقه الأيسر ليقع الكبد على المعدة ويصير سببا لكثرة حرارتها فيقوى الهضم) .
هذا هو التفسير الذي وضعه الأطباء في الماضي. أما الطب الحديث فيؤيد النوم على الشق الأيمن لأن الكبد فيه فتبقى المعدة في الأعلى ويسهل نزول الطعام إلى أسفل ولا تنضغط المعدة بثقل الكبد.
وقد ذكر الامام السيوطي في كتابه المنهج السوي والمنهل الروي تعليلا للاتكاء على الجنب الأيسر قال: وأخرج الدينوري في المجالسة عن إياس بن معاوية قال: إذا أكلت فاتكئ على يسارك، فإن الكبد يقع على المعدة فينهضم ما فيها.
وقال السيد محمود الموسوي الأصفهاني في كتابه رمز الصحة في تعليل كلام الإمام الرضا: (قال الأطباء ليقع الكبد على المعدة ويصير سببا لكثرة حرارتها فيقوى الهضم) .

الصفحة 153