كتاب الإمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي

‹ صفحة 170 ›
وضع قطنة في الأذن عند النوم:
ومن أراد أن لا تؤلمه أذنه فليجعل فيها عند النوم قطنة (1) .
أكل الشهد وقاية من الزكام:
ومن أراد ردع الزكام مدة أيام الشتاء فليأكل كل يوم ثلاث لقم من الشهد (2) .
______________
(1) هذه ملاحظة ذكية من الإمام علي الرضا ففي المناطق الحارة تكثر الحشرات، وقد تدخل إلى الأذن وخاصة عند النوم، فإذا غطاها قبل النوم بقطنة أمن من دخولها.
(2) يعتبر العسل من أفضل الأدوية والأغذية فهو، كما يقول ابن القيم في الطب النبوي، غذاء مع الأغذية ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة، وحلو مع الحلو، وطلاء مع الأطلية، ومفرح مع المفرحات. فما خلق لنا شئ في معناه: أفضل منه ولا مثله ولا قريب منه. ولم يكن معول القدماء إلا عليه. وأكثر كتب القدماء لا ذكر فيها للسكر البتة ولا يعرفونه، فإنه حديث العهد، حدث قريبا) . ويكفي أنه قد ورد فيه قول الله تعالى (فيه شفاء للناس) . ووردت فيه أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منها قوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن) أخرجه ابن ماجة قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات. . . وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة يرفعه: (من لعق ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم البلاء) . أخرجه ابن ماجة. وفي الصحيحين (البخاري ومسلم) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي يشتكي بطنه، وفي رواية استطلق بطنه فقال: اسقه عسلا. فذهب ثم رجع. فقال: قد سقيته فلم يغن عنه شيئا. مرتين أو ثلاثا. كل ذلك يقول له: اسقه عسلا. فقال في الثالثة أو الرابعة: صدق الله وكذب بطن أخيك) فاستمسك بطنه. والغريب حقا أن الأطباء في الأزمنة الغابرة كانوا يرون أن العسل يسبب تليين البطن ولذا لا يصلح لمعالجة الاسهال. . . وقد استنكر ابن خلدون في المقدمة مداواة المبطون بالعسل، واعتبر حدوث الشفاء من التأثير النفسي لايمان الصحابي وليس ذلك راجعا لخصائص العسل. وقد أثبت الطب الحديث فائدة العسل لمعالجة الاسهال ونشرت المجلة الطبية البريطانية BMJ عام 1985 دراسة عن استخدام العسل في معالجة التهاب المعدة والأمعاء (النزلات المعوية) عند الأطفال Gasteroenteritis فتبين من الدراسة فائدة العسل في علاج الناتج عن غزو بكتيري وكانت النتائج جيدة في هذا الصدد Honey in the treatment of Infantile: Moosa A , Haffegee l 7 _ 1866: 290 , gastero enteritis BMG 1985. ونشر الدكتور سالم نجم وزملاؤه دراسة عن استعمال العسل في علاج الاسهال في أعمال مؤتمر الطب الاسلامي عام 1982. وكانت النتائج جيدة جدا حيث اختفى الاسهال أو خفت حدته عند 83 بالمئة من المرضى. (المؤتمر الثاني للطب الاسلامي مجلد 2 / 575، الكويت، 1982) ، بحث علاج الاسهال المزمن بالعسل. وهذه النتائج تؤكد فائدة العسل في علاج المبطون (المصاب بالاسهال) . كما في الحديث الشريف الذي أخرجه الشيخان (البخاري ومسلم) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وقد أخرج البخاري في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم: (إن كان في شئ من أدويتكم، أو يكون شئ من أدويتكم خير. ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لدغة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي) من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه. وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار، وأنهي أمتي عن الكي) . . . . وليس المقصود تحديد الشفاء في ثلاثة أمور فقط بل هو التنبيه على أهميتها كما قال صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) ولا شك أن أعمال الحج كثيرة وليست مقتصرة على شهود يوم عرفة وإنما قال ذلك لتوضيح مدى أهميته. وكذلك الحديث ها هنا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل العسل في الماء ويشربه بكرة (على الريق) ويسمى ذلك الطنوب. وليس المقصود استعراض فوائد العسل ها هنا فالمجال واسع وهناك كتب كثيرة في هذا الصدد نذكر منها (العسل فيه شفاء للناس) للدكتور محمد نزار الدقر، و (عسل النحل شفاء نزل به الوحي) للدكتور عبد الكريم الخطيب) ، و (التداوي بعسل النحل) لعبد اللطيف عاشور و (نحل العسل) للدكتور محمد علي البنبي، و (العلاج بعسل النحل) للدكتور يويريش (ترجمة د. محمد الحلوجي) و (طبيبتنا النحلة) لبول أوكوسيتش (ترجمة دار الاسلام والغرب) وأحدثها وأوسعها في المراجع الحديثة كتاب الاستشفاء بالعسل والغذاء الملكي حقائق وبراهين للدكتور حسان شمس باشا. ومعالجة العسل للزكام والوقاية منه ومعالجة أمراض الجهاز التنفسي معروفة ومشهورة. وقد كتب الدكتور حسان شمس باشا فصلا جيدا عن فائدة العسل في الربو والتهاب الأنف التحسسي) ذكر فيه المراجع العلمية الحديثة التي تؤكد فوائد العسل في علاج حمى القش Hay fever والتهاب الانف التحسسي والربو. واقترح الدكتور جارفس إعطاء ملعقة صغيرة من العسل ثلاث مرات يوميا للمصابين بحمى القش والتهاب الانف التحسسي على أن يبدأ ذلك حوالي أربعة أشهر قبل موسم الإصابة بهذا المرض. ويستخدم العسل لالتهابات الانف والبلعوم والحنجرة بصورة أقراص مص Lozenges أو بوساطة الاستنشاق الأنفي والغرغرة بمحلول العسل وبعض الأزهار. كما يستخدم العسل منذ أقدم الأزمنة في أدوية السعال. . وهكذا يؤكد الطب الحديث نصيحة الإمام علي الرضا بأكل ثلاث لقم من الشهد كل يوم مدة الشتاء للوقاية من الزكام ونزلات البرد والتهاب الانف التحسسي. الخ.

الصفحة 170