كتاب بيع المرابحة للآمر بالشراء

وورد في حديث آخر قول النبي صلى الله عليه وسلم: {أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر} (¬1).
وجه الاستدلال بهذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عد إخلاف الوعد من خصال المنافقين والنفاق مذموم شرعاً وقد أعد الله للمنافقين الدرك الأسفل من النار حيث قال: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} (¬2). وعلى هذا يكون إخلاف الوعد محرماً والوفاء به واجب.
هـ- ما ورد في الحديث عن عائشة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعيذ في صلاته كثيراً من المأثم (الإثم) والمغرم (الدين) فقيل له: يا رسول الله ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: إن الرجل إذا غرم (إستدان) حدث فكذب ووعد فأخلف" (¬3).
ومعنى هذا أن الاستدانة تجره إلى المعصية بالكذب في الحديث والخلف في الوعد (¬4).
وما ورد في الحديث عن عبد الله بن عامر قال: دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتها فقالت: تعال أعطك فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أردت أن تعطيه؟ فقالت: أعطيه تمراً فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليك كذبة" (¬5) وغير ذلك من الأدلة التي تدل على وجوب الوفاء بالوعد.
¬__________
(¬1) رواه البخاري ومسلم انظر صحيح البخاري مع الفتح 1/ 98 صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 235.
(¬2) سورة النساء الآية 145.
(¬3) رواه البخاري أنظر صحيح البخاري مع الفتح 5/ 458.
(¬4) بيع المرابحة د. القرضاوي ص 67.
(¬5) رواه أبو داود انظر عون المعبود 13/ 228 وقال الشيخ الألباني: حسن انظر صحيح سنن أبي داود 3/ 943. وانظر السلسلة الصحيحة 2/ 384.

الصفحة 40