كتاب ما لم ينشر من الأمالي الشجرية

ما كان يعطي مثلها في مثله ... إلا كريم الخيم أو مجنون
فعلى هذا المنوال نسج أبو الطيب بيته، فأراد: أنه يفرط في الجود حتى ينسبه الناس إلى عدم العقل، ولو كان بيت المال مما يصح منه الكلام لقال ماذا مسلما، لأنه فرق أموال المسلمين، ويجوز أن يكون أراد: حتى يقول خزان بيت المال وحذف المضاف كما حذف في: (وسئلِ القريةَ)، وقول الأعرابي: تامكة السنام أي عاليته. تمك السنام علا، والخيم السجية وهي الخليقة، والهاء في مثله تعود على الوداع أي في مثل وقت الوداع.
قد أثبت لك ما ظفرت به بالتتبع من حكم أبي الطيب ولم أثبت إلا مما رأيته في مكاتبة أو سمعته في مفاوضة فقد كفيتك مؤونة تطلبه وبقي عليك تكلف تحفظه. فمن فضائل هذا الشاعر من دون قائلي القريض أنك لا تجد واحداً من الناس إلا وهو يحفظ من شعره قصائد أو قصيدتين أو قصيدة أو مقطوعة أو بيتاً أو صدر بيت أو عجز بيت. فمما أجمع الناس على حفظه أو حفظ عجزه قوله:

بذا قضت الأيام ما بين أهلها ... مصائب قومٍ عند قوم فوائد
ولقد سمعت من أدوان العوام مراراً غير محصاة أناساً ينشدون قوله:

الصفحة 156