كتاب طريقة الخلاف في الفقه بين الأئمة الأسلاف

وإنما قلنا ذلك - لأن المقتول واحد، والمتقول الواحد لا ينفعل فيه إلا قتل واحد، لأن القتل اسم لمعنى يحل المحل، فيوجب كونه مقتولاً، كسائر الحوادث.
دل عليه - أن المحل يوصف بكونه مقتولاً، فلابد أن تكون هذه الصفة راجعة إلى معنى يحل المحل، لا [ن] موجب العلة يختص بمحل العلة، فثبت أن القتل معنى في المحل يوجب كونه مقتولاً، / وكزنه مقتولاً لا يتعدد، فالمعنى الموجب كذلك لا يتعدد أيضاً، فثبت أن القتل واحد، والقتل الواحد إذا جعل فعلاً لهذا، لا يمكن جعله فعلاً للآخر، لأن الفعل الواحد لا يكون فعلاً لفاعلين فى حالة واحدة بجهة واحدة، فلا يكون فعل الشريك وحده قتلاً، فلا يجب عليه القصاص، لقوله عليه السلام: "لا يحل دم امرئ مسلم (الحديث).
فإن قيل: قولكم بأن المقتول واحد، فلا ينفعل فيه إلا قتل واحد - قلنا: على سبيل المقارنة أم على سبيل التعاقب؟ ع م - ونحن نسلم أن الشخص إذا صار مقتولاً مرة، لا يصير مقتولاً ثانياً. ولكن الكلام في أنه هل يتصور أن يصير مقتولاً دفعة واحدة من جهة شخصين، فيكون كل واحد منهما قاتلاً على سبيل الكمال، وهذا لأن القتل فعل أجرى الله العادة بفوات الحياة عقيبه، فجاز أن يوجد من كل واحد منهما ذلك.
قوله: بأن القتل معنى يحل المحل - قلنا: لا نسلم، بل القتل فعل القاتل لا صفة المقتول.
والدليل على أن فعل كل واحد منهما قتل، أنا أجمعنا على أنه لو حلف لا يقتل فلانا، فقتله مع غيره يحنث في يمينه.
والدليل عليه فعل الأجنبيين: فإن فعل أحد الأجنبيين ألحق بالقتل، سداً لباب الظلم والعدوان - كذا هذا.

الصفحة 470