كتاب طريقة الخلاف في الفقه بين الأئمة الأسلاف

وإنما قلنا ذلك، لأن قتل الواحد بالواحد شرع لمعنى الزجر ولمعنى الجبر:
أما معنى الزجر- فهو أن يعلم أنه إذا قتل يقتل، للزجر عن القتل- وهذا المعنى موجود في الصورتين.
وأما معنى الجبر- فلأنه إذا قتل القاتل يندفع توجه الهلاك نحو الورثة، وهذا المعني أيضا موجود في الصورتين، فوجب أن لا يجب المال، لأنه لو جب لا يخلو: إما أن يجب لمصلحة شرع القتل لها، أو لمصلحة أخرى: لا وجه للأول - لن تلك المصلحة صارت مستوفاة بالقتل. ولا وجه للثاني - لأن الشرع لم يجمع بين / مصلحة أخرى وبين المصلحة المستوفاة بالقتل، بدليل أنه لم يجمع بينهما في قتل الواحد بالواحد والجماعة بالواحد.
فإن قيل: قولكم بأن معنى الزجر أن يعلم أنه إذا قتل يقتل، وهو موجود في الصورتين- قلنا: لا نسلم بأنه موجود في صورة النزاع، وهذا لأن الإنسان ما لم يقتل أحدا إذا تأمل أنه يقتل الواحد أو الجماعة، يقتل، يمتنع عن قتل الكل. أما إذا قتل الواحد واستحق قتله مرة لا يمتنع عن قتل غيره خوفا من استحقاق القتل لوقوع المحذور.
ولئن سلمنا أن القتل زاجر عن قتل الجماعة، لكن يتصور الزيادة عليه في الزجر، بضم المال إليه، فوجب ضم المال تحقيقا بألغ الوجوه.
ولئن سلمنا أنه لا يجب لمعنى الزجر، لم لا يجب المال لتحصيل معنى الجبر؟ . قوله: لأنه لو وجب: إما أن يجب لمصلحة شرع القتل لها، أو لمصلحة أخرى- قلنا: لم لا يجب لمصلحة أخرى؟ .
وقوله: لأن الشرع لم يجمع بين مصلحة القتل ومصلحة أخرى- قلنا: لا نسلم. وأما فصل: الواحد بالواحد والجماعة بالواحد- قلنا: ثمة وقع الاكتفاء بالقصاص

الصفحة 472