كتاب طريقة الخلاف في الفقه بين الأئمة الأسلاف

وعلى هذا التقدير كان القتل بصفة العمدية، فاحتمل أنه عمد، واحتمل أنه ليس بعمد، فتمكن الخلل في العمدية، فتمكنت الشبهة، فلا يجب القصاص، لقوله عليه السلام " ادرءوا الحدود بالشبهات".
فإن قيل: قولكم بأنه تمكن الخلل في عمدية هذا القتل - قلنا: لم قلتم بأن شرط وجوب القصاص القتل الذي تمحض عمداً، بل القتل الذي يثبت فيه أصل العمدية يصلح أن يكون سببا للقصاص بدليل النصوص والمعقول:
أما النصوص -[فـ] قوله تعالى: {بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} إلى غيرها.
وأما المعقول - وهو أن مبنى القصاص على الحياة بطريق الزجر والجبر، وإنه موجود هنا.
ولئن سلمنا أن العمد بصفة الكمال شرط، لكن الشرط اقتران العمدية بما هو قتل غالبا أو بما هو قتل محتملا: الأول- مسلم، ولكن لم قلتم بأنه لم ويوجد. والثاني - ممنوع. بيانه: أن حصول القتل بالضربة والضربتين أمر نادر والموالاة في الضرب قتل غالبا، فيشترط وجود العمدية في هذه الحالة، وإنه موجود هنا، فقد وجد اقتران العمدية بما هو قتل غالبا إن لم يقترن بما هو قتل نادر، وذلك يكفى لوجوب

الصفحة 477