كتاب طريقة الخلاف في الفقه بين الأئمة الأسلاف

ولئن سلمنا أنه يجوز إثبات الولاية لتحصيل غرض لم يشرع النكاح له، ولكن لم قلتم بأنه أمكن تحصيل هذا الغرض، وهذا لأن العبد داخل تحت ملك المولى من حيث إنه مال، لا من حيث إنه آدمي. ولهذا لا يملك المولى منعه من الفرائض، ولو أقر على نفسه بالحدود والقصاص يصح. ولو أقر المولى عليه لا يصح، والنكاح تصرف يختص بالآدمية لا بمالية، ولأن منافع النكاح للعبد/ ومضاره عليه، والمرء لا يتمكن من صيانة ملكه لإثبات الحكم على غير المالك ولغير المالك، بخلاف إنكاح الأمة، ولأن الإنكاح ينافي مملوكية العبد، لأن فيه إثبات الولاية للعبد، وصار هذا كإنكاح المكاتب، فإنه لا يملكه مع ما ذكرتم.
الجواب:
أما قوله بأن زنا العبد لا يوجب الرجم- قلنا: بلى، ولكن إذا لم يشبع من الحلال يعتاد الزنا، وإنه عيب، حتى لو اشترى عبدًا فوجده معتادًا للزنا، فله أن يرده بالعيب. وكذا إقامة الحد عيب، حتى لو اشترى عبدًا قد زنى وأقيم عليه الحد، له أن يرده بالعيب. فثبت أن الزنا سبب لنقصان الملك، والنكاح طريق للصيانة، فيملكه المولى.
وإنما لا يملك إقامة الحد على مملوكه، لأن شفقته على ملكه تمنعه من إقامة الحد على وجهه، أما ههنا بخلافه.
وأما إباء العبد ورده للنكاح- قلنا: الشهوة المركبة فيه تدعوه إلى قضائها خصوصًا إذا وجد بطريق الحلال، وإباؤه يحتمل أنه أقدم لعدم الموافقة أو لرجاء الوصول إلى امرأة خير منها أو خوفًا من المهر والنفقة، والمحتمل لا يعارض المحكم.
قوله: صيانة الملك أمر شرع له النكاح أم لا؟ قلنا: شرع له نكاح العبيد إن لم يشرع له نكاح الأحرار، لأنه مناسب، والشرع ورد به في الأمة، والغرض من إدخاله تحت ولاية المولى هو صيانة الملك كما في الأمة.

الصفحة 77