كتاب طريقة الخلاف في الفقه بين الأئمة الأسلاف

وسائر المعاوضات، وإمكان الاستيفاء ثابت ههنا، لإمكان الوطء في بعضها بغير واسطة، وفي بعضها بواسطة إزالة المانع، فوجب أن لا يثبت حق الرد، قياسًا على الجرباء والشوهاء والعجوز التي لا تشتهي.
فإن قيل: قولكم بأن في الرد إبطال حق المرأة، وإنه إضرار بها- قلنا: لا نسلم، بل هو دفع الضرر عنها، لأن النكاح تصرف إضرار بها، لما فيه من إثبات الملك والرق عليها، إلا إذا كان وسيلة إلى المصالح المطلوبة من النكاح، فإذا اختلت المصالح لمكان النفرة، بقي ضررًا وكان الفسخ دفعًا للضرر عنها.
ولئن سلمنا أن فوات ملكها في المهر ضرر بها، ولكن إلى عوض وهو ملك نفسها، فلا يكون ضررًا.
ولئن سلمنا أن حق الرد والفسخ لا يثبت ابتداء، فلم قلتم بأنه لا يثبت بناء؟ .
قوله: بأن المستحق ملك الوطء- قلنا: لا نسلم، بل المستحق ملك منافع بضعها، ولا يمكن الاستمتاع واستيفاء المنافع لمكان العيوب المنفرة له.
ولئن سلمنا أن هذه العيوب لا تخل بإمكان الوطء والاستمتاع، ولكن لم قلتم بأنها لا تخل بالمصالح المطلوبة من النكاح؟ - وهذا لأن هذه العيوب تمنع كون النكاح وسيلة إلى المقاصد المطلوبة، لأن بعضها مانع من حقيقة الوطء حسًا وبعضها طبعًا، فصار كما إذا وجدت المرأة زوجها عنينًا أو مجبوبًا، فإنها تمكن من الفسخ، وإن كان لا يمتنع كل المقاصد لقيام السكن والازدواج واحتمال إمكان الوطء، وصار كما إذا وجدت بالمهر عيبًا: يثبت لها حق الرد- فكذا إذا وجد الزوج بها عيبًا، تسوية بين العوضين.
ثم هذا معارض بقوله عليه السلام: "فر من المجذوم فرارك من الأسد". وبما روى أنه عليه السلام تزوج امرأة فوُجد على كشحها بياض فردها.

الصفحة 85