كتاب الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

وهذا رأي: ابن التين (¬1)، والحافظ ابن رجب (¬2)، والحافظ ابن حجر (¬3)، وشمس الحق العظيم آبادي (¬4).
وقد ذكر الحافظ ابن حجر عدة أدلة تؤيد هذا المذهب، وهي قوية. (¬5)
2 - وذهب آخرون إلى تضعيف حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وتقديم حديث عبادة - رضي الله عنه - عليه.
وهذا رأي: البخاري (¬6)، والدارقطني (¬7)، وابن عبد البر (¬8)، والمناوي (¬9).
وقد تقدم ذكر سبب تضعيفهم للحديث عند تخريجه.
مذاهب العلماء تجاه التعارض بين الآية، وحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -:
وبعد أنَّ ذكرنا أقوال العلماء في الحدود هل هي كفارة لأهلها أم لا، نأتي الآن إلى ذكر مسالك العلماء في دفع التعارض بين آية الحرابة، وحديث عبادة - رضي الله عنه -:
لم يتجاوز العلماء في هذه المسألة مسلك الجمع بين الآية والحديث، وقد تباينت آراؤهم فيها على مذاهب:
الأول: أنَّ الوعيد في الآية - وهو قوله: (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) - خاصٌ بالمشركين؛ كما دل عليه سبب نزول الآية (¬10)، وحديث عبادة خاص
¬_________
= وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)) [الممتحنة: 12].
(¬1) نقله عنه الحافظ ابن حجر، في الفتح (7/ 86).
(¬2) فتح الباري، لابن رجب (1/ 64).
(¬3) فتح الباري، لابن حجر (1/ 85).
(¬4) عون المعبود، للآبادي (12/ 280).
(¬5) انظرها: في فتح الباري (1/ 84 - 86).
(¬6) التاريخ الكبير (1/ 152).
(¬7) أطراف الغرائب (5/ 198).
(¬8) جامع بيان العلم وفضله (2/ 828).
(¬9) فيض القدير (5/ 501).
(¬10) عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) - قَالَ: "نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ، فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، =

الصفحة 127