كتاب الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

ليس فيها ذِكْرٌ لذلك القيد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬1)
واعتذر عن تخصيص الإحصان في الآية بالذِّكر بأنَّه أغلب حال الإماء، أو الأهم في مقاصد الناس. (¬2)
القول الثاني: أنَّ قوله في الحديث: "وَلَمْ تُحْصِنْ" ليس بقيد، وإنما هو حِكَايَة حالٍ في السؤال، ولذا أجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا"، غير مُقَيَّدٍ بالإحصان، للتنبيه على أنْ لا أثر له، وأنَّ مُوجِبَه في الأَمَة مُطلق الزنى.
ذكر هذا الجواب الخطابي (¬3)، وأشار إليه الزَّرقاني في شرحه للحديث. (¬4)
الثاني: مذهب إعمال مفهوم الآية، وإلغاء منطوق الحديث:
ويرى أصحاب هذا المذهب أنْ لا حَدَّ على الأَمَة إذا زَنَت وهي غير محصنة.
رُوي هذا المذهب عن:
ابن عباس (¬5)، وأبي الدرداء (¬6)، وسعيد بن جبير (¬7)، ومجاهد (¬8)، وطاووس (¬9)،
وأبي عبيد القاسم بن سلام (¬10).
ويدل على مذهبهم هذا: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
¬_________
(¬1) تقدم في أول المسألة ذِكر الأحاديث التي خلت من ذكر قيد الإحصان، وذكرت هناك رأيي في هذه الأحاديث.
(¬2) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (5/ 124).
(¬3) معالم السنن، للخطابي (3/ 289).
(¬4) شرح الزرقاني على موطأ مالك (4/ 182).
(¬5) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 488)، وعبد الرزاق في المصنف (7/ 397).
(¬6) انظر: التمهيد، لابن عبد البر (9/ 99).
(¬7) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 488)، وابن جرير في تفسيره (4/ 26).
(¬8) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 488).
(¬9) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7/ 397).
(¬10) انظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم، لابن المنذر (3/ 33)، والمغني، لابن قدامة (5/ 94).

الصفحة 97