كتاب الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

"لَيْسَ عَلَى أَمَةٍ حَدٌّ حتَّى تُحْصَنَ بِزَوْجٍ؛ فَإِذَا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ". (¬1)
ولم يُجِبْ هؤلاء عن منطوق الحديث؛ إلا ما نُقِلَ عن الطَّحاوي (¬2) من أنَّ قوله في الحديث: "وَلَمْ تُحْصِنْ" زيادةٌ لا تثبت، وأنَّها مما تفرد به الإمام مالك، أحدُ رواة الحديث. (¬3)
ولم أقف على قول الطحاوي هذا في كتابه "مشكل الآثار"، وكذا "شرح معاني الآثار"، والذي وقفتُ عليه من رأيِهِ موافقة الجمهور في وجوب الحدِّ
¬_________
(¬1) أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار (12/ 335)، والطبراني في الأوسط (1/ 153) (4/ 147)،
وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه، ص (501)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 794)، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (10/ 327 - 329)، جميعهم من طريق عبد الله بن عمران العابدي قال: نا سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. مرفوعاً.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (3/ 1226)، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس ... ، فذكره موقوفاً على ابن عباس.

قال البيهقي في معرفة السنن والآثار (12/ 335): "هذا خطأ، ليس هذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما هو من قول ابن عباس، قاله أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ... ، وقد رواه سعيد بن منصور، وغيره عن سفيان، موقوفاً". اهـ
وقال الطبراني في "الأوسط" (4/ 147): "لم يرفع هذا الحديث عن سفيان إلا عبد الله بن عمران العابدي". اهـ
وقال الدارقطني في "أطراف الغرائب والأفراد" (3/ 178): "غريب من حديث مسعر، عن عمرو، عنه. تفرد به سفيان بن عيينة عنه. وعنه عبد الله بن عمران العابدي مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيره يرويه عن ابن عيينة موقوفاً". اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (12/ 167): "سنده حسن، لكن اختلف في رفعه ووقفه، والأرجح وقفه، وبذلك جزم ابن خزيمة وغيره". اهـ
(¬2) نقله عن الطحاوي: ابن عبد البر في التمهيد (9/ 96)، وتبعه أبو العباس القرطبي في المفهم
(5/ 122)، والنووي في شرح مسلم (11/ 302).
(¬3) تقدم عند ذكر طرق الحديث أنَّ مالكاً لم يتفرد بهذه الزيادة، وذكرتُ هناك من تابعة، وانظر في رد هذه الدعوى: التمهيد، لابن عبد البر (9/ 96)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي
(5/ 122)، وفتح الباري، لابن حجر (12/ 168).

الصفحة 98