كتاب قذائف الحق

أهل الثقة أولى من أهل الكفاية.
ومن هم أهل الثقة؟ أصحاب القدرة على الملق والكذب.. اللاهثون تحت أقدام السادة تلبية لإشارة أو التقاطاً لغنيمة.
هذا الصنف الخسيس من الناس هو الذى يؤثر بالمناصب ويظفر بالترقيات، وتضفى عليه النعوت، ويمكن له فى الأرض..
أما أهل الرأى والخبرة والعزم والشرف فإن فضائلهم تحسب عليهم لا لهم، وتنسج لهم الأكفان بدل أن ترفع لهم الرايات..
والويل لأمة يقودها التافهون، ويخزى فيها القادرون..
وقد كنت أقرأ فى الصحف ـ دون دهشة ـ كيف أن المسئول عن " الثقافة والفكر فى الاتحاد الاشتراكى " رجل أمى يصيح كلما سأله المحقق: اعذرنى فإنى جاهل..
إن هذه طبيعة الأوضاع التى تعيش على الظلام وتكره النور.
ما أكثر العلماء فى بلادنا لو أريد توسيد الأمر أهله، ولكن العلماء ليسوا موضع ثقة لصغار المتصدرين لأن العالم يستنكر المتناقضات ويكره الدنية، ويقول بغضب:
أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة
إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما

أما وقد أزال الله الغمة، وعلت كلمة الأمة فلنعد بالأمور إلى أوضاعها السليمة، ولنوفر الحريات التى طال إليها الشوق واشتد الحنين.
لقد كان الاستبداد قديماً أقل ضرراً من الاستبداد الذى نظمته الدولة الحديثة فى هذه الأعصار، فإن الدولة فى العصر الحديث تدخلت فى أدق شئون الفرد وبسطت نفوذها على كل شىء.
ومن هنا كان الدمار الأدبى والمعنوى الذى يصحب الاستبداد بعيد الآماد خبيث العواقب.
ومن أحسن ما قيل فى تشييع ظالم مستبد:
لتبك على " الفضل بن مروان " نفسه
فليس له باك من الناس يعرف

الصفحة 237