كتاب قذائف الحق

ـ وماذا كسب العرب عندما شقوا طريقهم إلى المستقبل وهم يطوون اسم محمد وتراثه عن نشاطه السياسى والعسكرى؟
ولو نظرت إلى هذه الألوف المؤلفة من الكنائس والمعابد لوجدت داخلها أجهزة منظمة دوارة تعمل من غير ملل لصرف الناس عن الإسلام ونسبة أقبح النعوت إلى نبيه المبرأ الشريف..
وكأن الله تبارك اسمه شاء أن يعرف هذه الأمم مدى ما كانت فيه من غباوة وأن يذيقها شيئاً من مرارة الجريمة التى ارتكبتها، فهو فى ساحة العرض الشامل لأصناف الخلائق يحشر سكان القارات الخمس على مر القرون يحشرهم فى صعيد واحد، ثم يكشف الغطاء عن عيونهم وإذا هم يتبينون فداحة جهلهم بالله الكبير المتعال، ويتبينون شناعة خصامهم لإمام رسله..
وهنا يموج بعضهم فى بعض [كتبنا هذا الكلام فى كتابنا " من هنا نعلم " من ثلث قرن] ، ويضطربون فى حيرة مفزعة لا يرجى منها خلاص، وتتحرك جموعهم إلى كل نبى سمعوا باسمه فى العالم الذى انتهى يناشدونه أن يسأل الله لهم الرحمة، ولكن النبيين كلهم يرفضون التصدى لهذا المطلب، ويعود أهل القارات الخمس متراكضين إلى الرجل الذى طالما قيل لهم إنه كذاب، إنهم يحسون الآن عن يقين أنهم أخطأوا فى حقه، وأنهم يوم صدوا عنه كانوا يخسرون أنفسهم وأهليهم..! [يشير شيخنا إلى حديث الشفاعة الطويل الذى رواه الإمام أحمد، والبزار، وأبو يعلى، وابن حبان فى صحيحه راجع الترغيب (4 / 425) ] .
الشفاعة العظمى فى رأيى موقف يحاكم فيه التاريخ البشرى كله ليعترف أن انصرافه عن الإسلام كان مشاقة لله وعداء لأحب أوليائه وأصدق دعاته..
وما أعجب أن تجد الإنسانية نفسها فى حرج يوشك أن يقضى عليها ثم تعلم فجأة أن التنفيس عن كرباتها ربما تم باللجوء إلى الرجل الذى عاشت دهوراً، وهى تروى عنه الأكاذيب وتنسب إليه الأساطير.
والتجاء أهل الأرض إلى محمد فى هذه الساعة العصيبة ولجوءه إلى الله يطلب

الصفحة 241