كتاب قذائف الحق

الصديق قال: أسمعت من أناجى! ولما سئل الفاروق قال: أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان!!
إن إخلاص النية هنا وهناك يجعل السر والعلن سواء.
وذلك ما ينبغى أن يعيه الدعاة والقضاة والساسة والقادة، وكل من يحملون مؤنة الآخرين، أو يكونون فى موضع الأسوة.
والإخلاص لا يمنع المسلم من الاهتمام بنفسه وسمعته وكرامته.
إن الله كلفنا أن نجمل أبداننا وملابسنا، وكره لنا رثاثة الهيئة وكآبة المنظر فى الأهل والمال، فليس من الرياء أن نصون أحوالنا ونحصن مكاناتنا من الظنون والمكدرات!
من حق الكريم ألا يتهم بالبخل كما أن من حق النظيف ألا يرمى بالأدران.
لكن الدفاع عن الكيان المادى والمعنوى شىء وطلب وجوه الناس بالعمل الصالح شىء آخر.
وقد خلد القرآن الكريم ذكر فريقين من الهداة الأتقياء:
ـ أحدهما: سجل أسماءه وجهاده وأثنى على رجاله أطيب الثناء.
ـ والآخر: طوى أسماءه ونشر سيرته واكتفى بشرح عمله وتزكية أثره.
من الأولين أنبياء الله الكرام الذين غرسوا هدايات السماء فى الأرض، وذادوا عنها أوبئة الكفر والعدوان.
والقرآن عندما يثبت تاريخاً لا يعنى إلا بإبراز المناقب التى تؤخذ منها الأسوة والفضائل التى سبقت بذويها وأعلت أقدارهم!
تدبر قوله تعالى: " واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدى والأبصار. إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار. وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار " [ص: 47] . إن هذه الآيات تنبه إلى الاستطالة المادية والمعنوية لهؤلاء الدعاة الكبار،

الصفحة 244