كتاب قذائف الحق

وقد توسل إلى ذلك بتكثير الشهوات أمام العيون الجائعة، وتوهين العقائد والفضائل التى تعصم من الدنايا، وإبعاد الإسلام شكلاً وموضوعاً عن كل مجال جادة، وتضخيم كل نزعة محلية أو شخصية تمزق الأخوة الجامعة وتوهى الرباط العام بين أشتات المسلمين.
وقد أصاب خلال القرن الأخير نجاحاً ملحوظاً فى سبيل غايته تلك..
ومن ثم لم تنجح محاولات تجميع المسلمين لصد العدو الذى جثم على أرضهم واستباح مقدساتهم..
وما قيمة هذا التجميع إذا كان الذين ندعوهم قد تحللوا من الإيمان وفرائضه، والقرآن وأحكامه.
إن تجميع الأصفار لا ينتج عدداً له قيمة!!
وإن الجهد الأول المعقول يكمن فى رد المسلمين إلى دينهم، وتصحيح معالمه ومطالبه فى شئونهم، ما ظهر منها وما بطن..
عندئذ يدعون فيستجيبون ويكافحون فينتصرون، ويحتشدون فى معارك الشرف فيبتسم لهم النصر القريب وتتفتح لهم جنات الرضوان.
إن الرجل ذا العقيدة عندما يقاتل لا يقف دونه شىء.
أعجبتنى هذه القصة الرمزية الوجيزة، أسوقها هنا لما تنضح به من دلالة رائعة:
" حكوا عن قوم فيما مضى كانوا يعبدون شجرة من دون الله، فخرج رجل مؤمن من صومعته وأخذ معه فأساً ليقطع بها هذه الشجرة، غيرة لله وحمية لدينه! فتمثل له إبليس فى صورة رجل وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟ قال: أقطع تلك الشجرة التى تعبدون من دون الله، فقال له: اتركها وأنا أعطيك درهمين كل يوم، تجدهما تحت وسادتك إذا استيقظت كل صباح!..
" فطمع الرجل فى المال، وانثنى عن غرضه، فلما أصبح لم يجد تحت وسادته شيئاً، وظل كذلك ثلاثة ايام، فخرج مغضباً ومعه الفأس ليقطع الشجرة! قال: ارجع فلو دنوت منها قطعت عنقك..

الصفحة 251