كتاب قذائف الحق

ولا بأس بعد توفير ذا كله من استصحاب بعض الآثار الدينية السهلة!
ولتكن هذه الآثار الاحتفال بذكرى قديمة أو زيارة قبر شهير!
ثم يسمى هذا السلوك التافه تديناً!
لقد جرب المسلمون الانسلاخ عن دينهم واطراح آدابه وترك جهاده فماذا جر عليهم ذلك؟ حصد خضراءهم فى الأندلس فصفت منهم بلاد طالما ازدانت بهم وعنت لهم، وما زال يرن فى أذنى قول الشاعر:
قلت يوماً لدار قوم تفانوا
أين سكانك العزاز علينا؟

فأجابت هنا أقاموا قليلاً
ثم ساروا ولست أعلم أينا!
أسمعت هذا النغم الحزين يروى فى اقتضاب عقبى اللهو واللعب، عقبى إضاعة الصلوات واتباع الشهوات.. إن عرب الأندلس لم يتحولوا عن دارهم طائعين ولكنهم خرجوا مطرودين.
أفلا يرعوى الأحفاد مما أصاب الأجداد؟
لقد قرأت أنباء مؤتمرات عربية وإسلامية كثيرة اجتمعت لعلاج مشكلة فلسطين، فكنت أدع الصحف جانباً ثم أهمس إلى نفسى: هناك خطوة تسبق كل هذا، خطوة لا غنى عنها أبداً:
هى أن يدخل المسلمون فى الإسلام..
إننى ألمح فى كل ناحية استهانة بالفرائض، وتطلعاً إلى الشهوات، وزهادة فى المخاطرة والنقب وإيثاراً للسطوح على الأعماق والأشكال عن الحقائق، وهذه الخلال تهدم البناء القائم. فكيف تعيد مجداً تهدم أو ترد عدواً توغل..؟
ما أحرانا أن نعقل التحذير النبوى الكريم " إنما أخشى عليكم شهوات الغى فى بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى " فإذا أصغينا إلى هذا النذير ابتعدنا عن منحدر ليست وراءه إلا هاوية لا قرار لها، ثوى فيها قبلنا المفرطون والجاحدون.

الصفحة 255