كتاب قذائف الحق

يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق " رواه أحمد..
" والشطر الأول منه لم يتحقق بعد، ويؤيده ويوضح معناه ما صح عن مسلم من أن ساحة المدينة المنورة سوف تبلغ الموضع الذى يقال له اهاب، أى أن مساحتها ستكون عدة أميال، فكونوا يا قوم من المبشرين لا من المنفرين.. " ولتعلمن نبأه بعد حين ".
وخطأ كثير الشراح جاء من فهمهم أن ترك الشر هو غاية التدين وأن اعتزال الفتن هو آية الإيمان.
وهذا عجز سببه ضعف الهمة وسقوط الإرادة.
وإنى لأذكر فيه قول المتنبى:
إنا لفى زمن ترك القبيح به
من أكثر الناس إحسان واجمال
أجل، فإن ترك الصغائر غير بلوغ الأمجاد، وتجنب التوافه والرذائل غير إدراك العظائم وتسنم الهام، والتلميذ الذى لا يسقط شىء والذى يحرز الجوائز شىء آخر!
والرسول الكريم عندما يأمرنا باعتزال الفتن لا ينهى واجبنا عن هذا الحد..
سوف يبقى بعد ذلك الاعتزال الواجب بناء الأمة على الحق ومد شعاعاته طولاً وعرضاً حتى تنسخ كل
ظلمة..
ولا نمارى فى أن تصدعات خطيرة أصابت الكيان الإسلامى قديماً وحديثاً.. بيد أن الضعاف وحدهم هم الذين انزووا بعيداً يبكون، ويتشاءمون، وينتظرون قيام الساعة!!
أما الراسخون فى العلم فقد أقبلوا على رتق الفتوق، وجمع الشتات، وإعادة البناء الشامخ حتى يدركهم الموت أو القتل وهم مشتغلون بمرضاة الله، حتى يبلغ الإسلام مواقع النور والظل من أرض الله أو كما قال الرسول العظيم " ما بلغ الليل والنهار "..

الصفحة 260