كتاب التبصرة بالتجارة في وصف ما يستظرف في البلدان من الأمتعة الرفيعة والأعلاق النفيسة والجواهر الثمينة
وَقَالَت الْفرس: الرابح فِي كل سوق هُوَ البَائِع لما ينْفق فِيهَا. وَقَالَت الْعَرَب: إِذا رَأَيْتُمْ الرجل قد أَقبلت عَلَيْهِ الدُّنْيَا فالصقوا بِهِ فَإِنَّهُ أجلب للرزق. وَقيل لبَعض المياسير: بِمَ كثر مَالك؟ قَالَ: مَا بِعْت بنسيئة قطّ. وَلَا رددت ربحا وَإِن قل، وَمَا وصل إِلَى دِرْهَم إِلَّا صرفته فِي غَيرهَا.
وَكَانَ يُقَال لَا تشتروا مَا لَيْسَ لكم إِلَيْهِ حَاجَة فيوشك أَن تَبِيعُوا مَالا تستغنون عَنهُ. وَزعم بعض الْحُكَمَاء، أَنه وجد فِي وَصِيَّة الْفرس: أَيهَا الْإِنْسَان لَيْسَ بَيْنك وَبَين بلد أَنْت بِهِ نسب، فَخير الْبلدَانِ مَا وَافَقَك، وَخير الدَّهْر مَا أصلحك، وَخير النَّاس من نفعك، وَخير المَاء مَا أرواك، وَخير الدَّوَابّ مَا حملك، وَخير الثِّيَاب مَا سترك، وَخير التِّجَارَة مَا أربحك، وَخير الْعلم مَا هداك، وَأحسن الْحسن مَا استحسنته وَإِن كَانَ قبيحاً، وَكَانَ يُقَال: خير الصِّنَاعَة الْخَزّ وَخير التِّجَارَة الْبَز.
بَاب معرفَة الذَّهَب وَالْفِضَّة وامتحانهما
قَالَ الْحَكِيم: يسْتَحبّ من الذَّهَب سبيكه وَغير سبيكه، وَأَن يكون
الصفحة 10
43