كتاب فصول في الثقافة والأدب

وسنرى تأويل (¬1) هذا عياناً ونرى تحقيق ما خبّر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي من وراء الشجر والحجر، فيقول الشجر والحجر: يا مسلم، هذا يهودي خلفي فاقتله» (¬2)؛ أي أننا سنقف أمامهم في المعركة التي يكون الظفر فيها لنا عليهم، فكيف نظفر بهم وهم متفرقون في البلدان مندَسّون بين الشعوب؟ وهل يكون القتال إلا بين جماعتين ظاهرتين؟ فاجتماعهم في فلسطين وقيام دولتهم فيها تصديق لوعد الله ورسوله لنا.
ولا تعجبوا من نطق الشجر والحجر. ألم يعلّمنا الله كيف نُنطق الأسطوانةَ وشريطَ التسجيل والرائي (التلفزيون)؟ ألم يُنطق لنا الجمادَ؟ فلماذا تعجبون ولا تكادون تصدّقون إن سمعتم أن الشجر والحجر ينطقان؟
¬__________
(¬1) آل الماءُ من البرد إلى جليد أي صار، وأوَّلَه أي صيّره. والتأويل يجيء بمعنيَين: تأويل الحال وتأويل المقال، والأول هو ما جاء في القرآن: {يَوْمَ يأتي تَأويلُه}، أي تصير حاله إلى ما خبّر به الله. أما تأويل المقال فهو حرف معنى اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر، وهذا الذي يتكلم عنه العلماء عند البحث في آيات الصفات.
(¬2) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله» أخرجه البخاري (واللفظ له) ومسلم والترمذي وأحمد، وفي لفظ لمسلم: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغَرْقَد فإنه من شجر اليهود» (مجاهد).

الصفحة 13