كتاب فصول في الثقافة والأدب

وأسباب. والفقه ثمرة علوم الدين كلها، وكلها مقدمات له وأسباب؛ لذلك كان طالب العلم يبدأ بهما ويعكف عليهما، ولا ينتقل إلى غيرهما إلا إذا أتقنهما، لأن من أسلوب التعليم يومئذ أن لا يُرهَق الطالب بالعلوم الكثيرة دفعة واحدة (كما يُصنَع اليوم) بل يُكلَّف بالعلم أو العِلْمين، لا يزيد عليهما حتى يفرغ منهما.
انتقاله إلى المذهب الحنفي
واستنفد علم الشيخ الحموي كله، وطلب المزيد، فدُلّ على العالم الكبير الشيخ محمد شاكر السالمي، الشهير بالعقّاد، وكان فقيهاً حنفياً عالي الطبقة، فقرأ عليه التفسير والحديث وعلم المعقول، وألزمه الانتقال إلى المذهب الحنفي، كما انتقل إليه أبو جعفر الطحاوي من قبل، ونبغ فيه كما نبغ الطحاوي. (¬1)
* * *
¬__________
(¬1) انتهت هنا القطعة التي وجدتها بخط جدي رحمه الله، وقد ترددت لبرهة: أأضم هذا الفصل إلى الكتاب أم أدعه لعدم تمامه، ثم آثرت أن أضمه إلى الكتاب ومعه الفصل الذي يليه في رسائل ابن عابدين.
وقد كان جدي عظيمَ التوقير لابن عابدين يبالغ في الثناء عليه وعلى كتبه. والظاهر أنه عزم على أن يتوسع في الكتابة عنه ذات يوم، فقد شرع في كتابة هذا الفصل في ترجمته (ولم يتمَّه)، وسَوّدَ مادة فصل آخر في إحصاء رسائله والتعليق عليها (ولم يتمّه أيضاً، وهو الذي سيأتي بعد هذا الفصل). وكنتُ -إذا رتبت له أوراقه- أجد ظرفاً عليه عنوان «ابن عابدين ورسائله»، من تلك الظروف الكبيرة التي كان يحفظ فيها مشروعات كتابات مؤجَّلة أو كتب تحت الإعداد. وفي هذا الظرف وجدت الأوراق التي جاءت منها هذه المقالة. =

الصفحة 268